الكبيرة المترتبة على الغيبة.
ومن جملة هذه الموارد التي تدخل في مستثنيات الغيبة ما يلي :
١ ـ أن يكون الإنسان في حالة التظلّم وطلب حقّه من الآخر ويسعى لرفع هذه الظلامة بحيث لو أنّه لم يتعرّض لذكر الطرف الآخر بالسوء ولم يصرّح للآخرين بسلوك ذلك الظالم فإنّه لا يصل إلى حقّة.
وهذا هو ما ورد في القرآن الكريم من قوله تعالى : «لَا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً» (١).
٢ ـ في موارد النهي عن المنكر ، أيّ في حالة ما إذا لم يتحرّك الإنسان لفضح الطرف الآخر ويكشف عن أعماله السيئة ، فإنّ ذلك المذنب سوف يستمر في غيّه ويقوم على ذنبه ، فهنا ترجح مصلحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مفسدة الغيبة ، بل قد تكون واجبة في بعض الحالات.
٣ ـ في مورد أهل البدع وكذلك الذين يحيكون المؤامرات ضدّ المسلمين بحيث لو أنّ أعمالهم الخفيّة تجلّت وكشفت للمسلمين ، فإنّ الناس سوف يتصدّون لهم ويتحركون من موقع دفعهم وابطال مؤامراتهم ، فهنا تكون غيبة مثل هؤلاء الأشخاص جائزة ، بل واجبة.
٤ ـ في مورد ما إذا كان المسلم يعيش الخطر على نفسه أو ماله أو عرضه من شخص آخر وهذا المسلم لم يكن على علم بالخطر المحيط به ، وهنا يكون إخباره بهذا الخطر جائز ، بل واجباً أحياناً.
٥ ـ في مورد المشورة ، بمعنى أنّ أحد الأشخاص أراد مثلاً الزواج من مسلمة وأراد طلب يدها من والديها أو أراد شخص تشكيل شركة أو السفر إلى أحد البلدان ، وطلب من شخص آخر أن يشير عليه بما يراه صلاحاً له ، فهنا لا يمكن القول بأنّ الكشف عن عيوب الطرف الآخر حرام ، بل إنّ أمانة المشورة تقتضي أن يقول المستشار ما يعلمه وما هو مطلّع عليه من نقاط القوّة والضعف ، ولا ينبغي أن يحجم عن النصح والمشورة لأخيه المؤمن خوفاً
__________________
١ ـ سورة النساء ، الآية ١٤٨.