لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣٧) فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨))
قوله تعالى : (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ) : راجعين إليه من الحدوثية بعد الاتصاف بالربوبية والقوة أي : لا تدّعوا الأنائية ؛ فإنكم في منازل التوحيد وحقيقة التوحيد ألا تنسى صولة القدم على الحدث ، وإن كان مستغرقا في بحر القدم.
قال ابن عطاء : راجعين إليه من الكل خصوصا من ظلمات النفوس ، مقيمين معه على حد آداب العبودية لا يفارقون عرصته بحال ، ولا يخافون سواه ، هذا حد المنيبين.
(وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩))
قوله تعالى : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) : الزكاة بذل الوجود ، فإذا بذلت بحد إرادة طلب جماله جلّ جلاله فيقع التضعيف في أجر الوصول ، وهو دنو الدنو بعد الدنو.
قال سهل : وقع التضعيف لإرادة الله وجه الله به لا إلى إيتاء الزكاة ، والزكاة زكاة البدن في تطهيرها من المعاصي وزكاة المال في تطهيره من الشبهات.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠))
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) : خلقكم بحكمته ، ورزقكم بمحبته ومعرفته ، ثم يميتكم عنكم وعن الكون ، ثم يحييكم بحياته ، وأيضا يميتكم بسطوة عظمته ، ثم يحييكم بجمال وصلته ، ثم بقي في مواهبه السنية على الاكتساب والخليقة بقوله : (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) ، ثم نزّه نفسه عن تناول أحد بسبب ما أو أن يكون عطاؤه بعلة ، وقوله : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤٠).
قال الحسين : خلقكم بقدرته ورزقكم معرفته ، وأماتكم عن الأغيار وأحياكم به.
قال ابن عطاء : رزقكم العلم به والرجوع إليه.
قال شقيق : كما لا تستطيع أن تزيد في خلقك ولا في حياتك كذلك لا تستطيع أن تزيد في رزقك ، فلا تتعب نفسك في طلب الرزق.
(ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي