عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٤٥))
قوله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) : إن الله سبحانه غلب الإنسانية على الكون طاعة ومعصية ، فإذا رزق الإنسان الطاعة صلح الأكوان ببركتها ، وإذا رزقه العصيان فسد الحدثان بشؤم معصيته ؛ لأن طاعته ومعصيته من تأثير لطفه وقهره ، ولطفه وقهره هذا بنعت الاستيلاء على الوجود ، فإذا فسادها يؤثر في بر النفوس وبحار القلوب ، ففساد بر النفوس فترتها عن العبودية ، وفساد بحر القلب احتجابه عن مشاهدة أنوار الربوبية.
قال الواسطي : البر النفس ، والبحر القلب ، وفساد النفس متعلق بفساد القلب ، فمن لم يعمل في إصلاح قلبه بالتفكر والمراقبة وفي إصلاح نفسه بأكل الحلال ولزوم الأدب ظهر الفساد في ظاهره وباطنه.
وقيل : في البر والبحر أنه السرائر والظواهر.
قال جعفر : شاهد البر من عرف نفسه ، وشاهد البحر من عرف قلبه ، وصلاح هذين بالهيبة والحياء ، فهيبة الرب تزيل فساد الظاهر ، والحياء منه يميت فساد الباطن.
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧) اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩))
قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) : رياح اللطف تهب في قلوب العارفين ، وتبشر بأنوار المشاهدة والكشف (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) : من وصلته بعد الكشف والعيان ، (وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) : يجري القلب في بحر مشاهدته ، ويسري في