ذلك في أقل لمحة ، بحيث هم يعرفونها ويرونها ثم يجازيهم بأقل من لمحة ، وهو قادر بذلك ، وهاهنا أن يسأل عنهم أعمالهم ؛ فيغفر لهم ذنوبهم في أقل من لمحة ، وهو غفور شكور رحيم ودود.
قال سهل في قوله : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ) : يرفع درجات من يشاء بالمعرفة به.
وقال في قوله : (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ) : أي : ينزل الوحي من السماء بأمره.
وقال ابن عطاء : يرفع درجات من يشاء في الدارين ، فيجعله عزيزا فيها ، والعرش إظهارا لقدرته ، لا مكانا لذاته.
(يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ) على ضروب ، فمن ألقى إليه روح الصفا أنطقه بها وأحياه حياة الأبدي ، والروح روحان ؛ روح بها حياة الخلق ، وأخرى لطيفة بها ضياء الحق.
وقال فارس : زين العرش بأنوار ذاته ؛ فلا يوازيه شيء ، ولا يقابله مثل.
وقال الحسين : العرش غاية ما أشار إليه الخلق.
وقال ابن عطاء في قوله : (يُلْقِي الرُّوحَ) : حياة الخلق على حسب ما ألقى إليهم من الروح ؛ فمنهم من ألقى إليه روح الرسالة ، ومنهم من ألقى إليه روح النبوة ، ومنهم من ألقى إليه روح الصديقية ، ومنهم من ألقى إليه روح الشهادة ، ومنهم من ألقى إليه روح الصلاح ، ومنهم من ألقى إليه روح العبادة والخدمة ، ومنهم من ألقى إليه روح الهداية ، ومنهم من ألقى إليه روح الحياة فقط فهو ميت في الباطن ، وإن كان حيّا في الظاهر.
وقال جعفر : يخص من يشاء من عباده بترويح سره بمعرفته ، وتزيين نفسه بطاعته.
وقال الأستاذ : روح هو روح الإلهام ، وروح هو روح الإعلام ، وروح هو روح الإكرام.
وقال ابن عطاء في قوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) : لولا سوء طباع الجهّال ، وقلة معرفتهم لما ذكر الله قوله (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) ؛ فإن الملك لم يزل ولا يزال له ، وهو الملك على الحقيقة ، ولكن لما جهلوا حقه ، وحجبوا عن معرفته في الدنيا ، وشاهدوا الملك وحقيقته ألجأهم الاضطرار إلى أن قالوا : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.)
وقال : الواحد الذي بطل به الإعداد ، والقهار الذي قهر الكل على العجز بالإقرار له بالعبودية طوعا وكرها.
قال جعفر : أخرس المكونات ذوات الأرواح عن جواب سؤاله في قوله : (لِمَنِ