إن قلت : كيف لا يجديه ، ومقدّمة الواجب واجبة (١)؟
______________________________________________________
الكون في الدار والكون في الدار ، والكون في خارج الدار ضدان ، ومن الواضح ملازمة عدم احد الضدين لوجود الضد الآخر ، فالكون خارج الدار الذي هو الضد للكون في الدار يلازمه ترك الكون في الدار الذي هو التخلص عن الحرام والخروج مقدمة للكون في خارج الدار وليس مقدمة لترك الكون في الدار ومن الواضح ان مقدمة احد الضدين ليست مقدمة لعدم الضد الآخر ، فالتخلص عن الحرام لا توقف له على الخروج وليس الخروج مقدمة له فضلا عن ان يكون مقدمة منحصرة له.
(١) هذا هو القول الثالث من الأقوال المتقدمة في عبارته وبعد هذا القول يتعرض للقول الثاني ، ومن بعده للقول الرابع.
وقد عرفت ان مختاره القول الاول وقد استدل في تقريرات الشيخ الأنصاري طاب ثراه لهذا القول بوجهين :
الاول : ما ذكره بقوله : ((ان قلت)) ، وحاصله : ان الخروج مأمور به وليس بمنهي عنه ، اما انه ليس بمنهي عنه فقد ذكر الدليل عليه في الوجه الثاني ، واما انه مأمور به فلان الخروج وان كان تصرفا في المغصوب إلّا انه مقدمة لترك البقاء في المغصوب ، والبقاء في المغصوب حرمته اشد واكثر من الخروج عن المغصوب ، وترك المحرم الاشد واجب اهم من حرمة الخروج ، وتنحصر مقدمة هذا الواجب الاهم الذي هو ترك البقاء بالخروج ، واذا انحصرت مقدمة الواجب الاهم بالحرام غير الاهم فلا بد وان لا يكون حراما ويقع مأمورا به بالأمر الغيري المقدمي لأن المقدمة الواجب واجبة ، فترك البقاء الذي هو الواجب الاهم تنحصر مقدمته بالخروج فيجب الخروج مقدمة لواجب اهم.
هذا حاصل الوجه الاول المذكور في التقريرات دليلا على كون الخروج مأمورا به.