هما دليلان حاكيان ، كي يقدم الأقوى منهما دلالة أو سندا ، بل إنما هو من باب تزاحم المؤثرين والمقتضيين ، فيقدم الغالب منهما وإن كان الدليل على مقتضى الآخر أقوى من دليل مقتضاه. هذا فيما إذا احرز الغالب منهما ، وإلا كان بين الخطابين تعارض فيقدم الأقوى منهما دلالة أو سندا وبطريق الإن يحرز به أن مدلوله أقوى مقتضيا. هذا لو كان كل من الخطابين متكفلا لحكم فعلي ، وإلا فلا بد من الأخذ بالمتكفل لذلك منهما لو كان ، وإلا فلا محيص عن الانتهاء إلى ما تقتضيه الاصول العملية (١).
______________________________________________________
والثاني : من المطالب بيان ان تخصيص الاضعف بالاقوى في باب التزاحم لا يوجب رفع اليد عن الاضعف رأسا ، كما هو كذلك في باب التعارض فانه يوجب سقوط المرجوح رأسا.
نعم في باب التزاحم يتقدم الاقوى ولكن اذا حصل ما يمنع عن العمل به كعذر النسيان والجهل لا مانع من العمل بالاضعف ويؤثر كما لو كان هذا الاضعف لا مزاحم له ، ويتكفل هذا المطلب الثاني قوله : ((ثم لا يخفى)) الى قوله ((وقد ذكروا لترجيح النهي وجوها)) وقد مر ايضا مفصلا في الأمر العاشر.
والمطلب الثالث : ذكر الوجوه النوعية التي ذكروها لترجيح مقتضي النهي على مقتضي الأمر في هذه المسألة ، يستعرضها بقوله ((منها)).
فكان ينبغي التعرض في هذا الأمر للمطلب الثالث فقط لبناء هذا الكتاب على الاختصار. وعلى كل فلا بد لشرح بعض عباراته لمزيد الايضاح.
(١) لا يخفى ان القدر المشترك بين باب التعارض وباب التزاحم هو عدم امكان اجتماع الحكمين الفعليين فيهما.
ويفترق باب التعارض عن باب التزاحم :