و ((لا تغصب)) لا من باب التعارض (١) إلا إذا لم يكن للحكم في أحد
______________________________________________________
(١) حاصل هذا الامر هو كايراد على المجوزين.
وتوضيحه : ان القائلين بالجواز في العنوانين المنطبقين على المجمع يلتزمون بكون المجمع يقع به امتثال الأمر وعصيان النهي ، كالوضع الركوعي في الدار المغصوبة فانه يقع امتثالا للأمر بالصلاة وعصيانا للنهي عن الغصب ، لان تعدد الجهة والعنوان موجبا لتعدد المعنون وذي الجهة ولا يلتزمون بذلك في مثل اكرم العالم ولا تكرم الفساق مع انه مثله ، والدليل على كونه مثله هو ان الاكرام غير المضاف الى شيء لا اقتضاء له لا الى عنوان حسن او قبيح ولا الى تأثير في مصلحة او مفسدة ، والوجوب والحرمة تابعان اما الى الحسن والقبح أو الى المصلحة والمفسدة ، واضافة الاكرام الى العالم مقتض لانطباق عنوان حسن عليه او لكونه ذا مصلحة ، وكذلك اضافته الى الفاسق مقتض لانطباق عنوان قبيح او لكونه ذا مفسدة ، فالاكرام المضاف الى العالم حاله حال عنوان الصلاة ، والاكرام المضاف الى الفاسق حاله حال عنوان الغصب ، فالاضافات موجبة لتعدد الاقتضاء والتأثير المختلف ، فتعدد الاضافات اللاحقة للشيء الذي لا اقتضاء له في نفس ذاته كتعدد العناوين موجبة لاجتماع المقتضيين المؤثرين ـ على رأي القائلين بالجواز ـ في اكرم العالم ولا تكرم الفاسق ، فهذا الاكرام باعتبار اضافته إلى العالم موجب لأن يكون امتثالا لأمر اكرم العالم ، وهذا الاكرام باعتبار اضافته الى الفاسق موجب لان يكون عصيانا للنهي عن اكرام الفاسق.
لكن القائلين بالجواز لا يلتزمون في مثل اكرم العالم ولا تكرم الفساق بذلك ولا يرون اكرام العالم الفاسق يقع امتثالا للأمر وعصيانا للنهي ، بل يعاملون معه معاملة التعارض ، وقد عرفت انه ينبغي ان يكون اكرم العالم ولا تكرم الفساق من باب الاجتماع كصل ولا تغصب ، ولذا قال (قدسسره) : ((فيكون مثل اكرم العلماء ولا تكرم الفساق من باب الاجتماع كصل ولا تغصب لا من باب التعارض)).