لامكان أن يكون البحث معه في دلالة الصيغة ، بما تعم دلالتها بالالتزام (١) ، فلا تقاس بتلك المسألة التي لا يكاد يكون لدلالة اللفظ بها
______________________________________________________
بأن كانت الحرمة مستفادة من دليل لبيّ كاجماع أو عقل ، فالقائل بالفساد إنما يقول لهذه الملازمة الواقعية الفعلية ((وعلى تقدير عدمها)) أي وعلى تقدير عدم هذه الملازمة الواقعية بين الفساد والحرمة كما يقول بذلك من يقول بصحة العبادة المنهي عنها ـ كأبي حنيفة ومن يرى رأيه ـ فالملازمة ((تكون منتفية بينهما)) عنده ، هذا على الظاهر المستفاد من عبارة المصنف من كونها قرينة على كون البحث في هذه المسألة عقليا لا لفظيا في قبال القرينة السابقة.
وأما بناء على احتمال تعلق العبارة بنفس القرينة فيكون المراد ان قول القائل بالفساد في المعاملات لدلالة النهي على ذلك لا معنى له ، لان مرحلة الاثبات تتبع مرحلة الثبوت فان كانت ملازمة بين الفساد والحرمة ـ كما يقول بها من يرى الفساد في العبادات لأن المبغوضية تنافي المقربية ـ فلا فرق في ذلك بين الحرمة المستفادة من دليل لفظي أو لبيّ وعلى فرض عدم الملازمة في مرحلة الثبوت بين الفساد والحرمة ـ كما هو رأي أبي حنيفة ومن تبعه ـ فلا يبقى مجال لدعوى دلالة الدليل الذي هو مرحلة الاثبات على ذلك بعد عدم تحقق الملازمة واقعا بين الفساد والحرمة الذي هو مرحلة الثبوت ، فان من الواضح ان مرحلة الإثبات تابعة لمرحلة الثبوت فاذا كان لا ملازمة في مرحلة الثبوت لا وجه لدعوى دلالة الدليل في مرحلة الاثبات على ذلك.
(١) هذا هو الجواب ولذلك قال لا ينافي ذلك لإمكان الى آخر كلامه.
وحاصله : ان هذه المنافاة غير منافية لعدّ هذه المسألة من مباحث الألفاظ وكون النزاع في دلالة لفظ النهي ، فان دعوى دلالة لفظ النهي على الفساد انما هي لأجل الدلالة الالتزامية ، وقد عرفت ان الدلالة الالتزامية ربما تكون للملازمة واقعا بين اللازم والملزوم كالدخان والنار ، وربما تكون للملازمة العادية كحاتم والجود ، وربما تكون لكثرة الاستعمال ، فالنزاع في مرحلة الإثبات والدلالة اللفظية لا يرتبط بالملازمة الواقعية ، وكون مرحلة الإثبات فرع مرحلة الثبوت صحيح ، ولكن لا يلزم ان تكون