عموم ملاكه بالعبادات لا يوجب التخصيص به ، كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
وبعبارة اخرى : ان الانصراف انما يعتني به فيما إذا لم تقم قرينة على خلافه ، وقد قامت القرينة هنا على خلافه ، فان عموم الملاك قرينة على دخوله في محل النزاع فلا وجه لعدم شمول لفظ النهي له ، ولذا قال (قدسسره) : ((ومعه)) : أي ومع اقتضاء الملاك لدخوله ((لا وجه لتخصيص العنوان)) أي لا وجه لتخصيص النهي بخصوص التحريمي ، بل لا بد من شموله للتنزيهي ايضا.
(١) حاصله : ان هذا الملاك وهو كون الصحة بمعنى موافقة الأمر انما هي الصحة في العبادات ، وأما الصحة في المعاملات فهي بمعنى ترتب الأثر لا بمعنى موافقة الأمر ، ومن ان طلب ترك المعاملة تنزيها لا مضادة له لترتب أثرها عليها فعموم الملاك يقتضي عدم الاعتناء بالانصراف في خصوص العبادات ، وأما مع المعاملات فلا عموم للملاك والغرض من لفظ النهي في العنوان شموله للمعاملات.
والحاصل : ان النهي المذكور في عنوان المسألة يراد منه النهي عن العبادات والمعاملات ، والملاك المذكور يقتضي العموم في خصوص النهي العبادي دون النهي المعاملي ، وحيث كان المراد من النهي ما يشمل العبادي والمعاملي فلا بد وان يكون مرادا بنسق واحد ، ولا يكون مرادا بنسق واحد إلّا ان يكون المراد منه خصوص النهي التحريمي ، وقد أشار الى ما ذكرناه بقوله : ((واختصاص عموم ملاكه بالعبادات)).
قوله (قدسسره) : ((لا يوجب التخصيص)) هذا هو الجواب.
وحاصله : ان كون الملاك لا عموم له في المعاملات لا يقتضي ان يكون المراد منه خصوص التحريمي ، لوضوح ان النهي نوعان : نهي متعلق بالعبادة ونهي متعلق بالمعاملة ، وخروج فرد من احد النوعين لا يوجب خروج الفرد الداخل في النوع الآخر ، فعدم دخول النهي التنزيهي في النهي المعاملي لعدم وجود ملاك لدخوله لا يوجب خروج الفرد التنزيهي في النهي العبادي مع وجود ملاك لدخوله.