الصحة بمعنى سقوط القضاء والاعادة عند الفقيه ، فهي من لوازم الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي الاولي عقلا ، حيث لا يكاد يعقل ثبوت الاعادة أو القضاء معه جزما ، فالصحة بهذا المعنى فيه ، وإن كان ليس بحكم وضعي مجعول بنفسه أو بتبع تكليف ، إلا أنه ليس بأمر اعتباري ينتزع كما توهم ، بل مما يستقل به العقل ، كما يستقل باستحقاق المثوبة به (١) وفي غيره ، فالسقوط ربما يكون مجعولا ، وكان الحكم به تخفيفا ومنة
______________________________________________________
فلا صحة له ولا فساد ، اذ بما هو متعلق للأمر لا معنى لأن يكون له صحة او فساد ، بخلاف المأتي به الذي هو الفعل الخارجي فان اتى به مطابقا لمتعلق الأمر كان صحيحا وان لم يكن مطابقا فهو فاسد ، فاذا كان من صفات الفعل فالفعل المأتي به تاما هو الموجود في الخارج وليس هو إلّا نفس الفعل وليست موافقته لمتعلق الأمر موجودا خارجيا آخر ، فالموافقة للأمر ومطابقته له تنتزع من نفس الفعل وهي موجودة بوجود منشأ انتزاع الموافقة وليست من الاعتبارات المحضة التي لا وجود لها الا بوجود الاعتبار فقط ، بل الموافقة بوجود الفعل التام موجودة سواء اعتبرها معتبر أم لم يعتبرها.
ومما ذكرنا اتضح : ان الاعتباري اذا كان مختصا بالموجود بصرف الاعتبار وان الموجود بوجود منشأ الانتزاع ليس من الاعتباريات فلا تكون الصحة والفساد وصفين اعتباريين ، بل هما وصفان انتزاعيان موجودان بوجود منشأ انتزاعهما ، فكونهما اعتباريين مبتنيا على ما ذكرنا من معنى الاعتباري.
(١) هذا هو الكلام في العبادة في المرحلة الاخرى ، وهي العبادة على رأي الفقيه وفي الموضع الأول ، وهو الصحة والفساد في المأتي به الواقعي الأولي عن المأمور به الواقعي الأولي ، وقد عرفت ان الفقيه يعرف الصحة والفساد بسقوط القضاء والاعادة وعدم السقوط.