لا يقال : هذا لو كان النهي عنها دالا على الحرمة الذاتية ، ولا يكاد يتصف بها العبادة ، لعدم الحرمة بدون قصد القربة ، وعدم القدرة عليها مع قصد القربة بها إلا تشريعا ، ومعه تكون محرمة بالحرمة التشريعية لا محالة ، ومعه لا تتصف بحرمة أخرى ، لامتناع اجتماع المثلين كالضدين (١).
______________________________________________________
لا يعقل ان تكون مقربة لو تأتى من المكلف قصد التقرب بها غفلة ، اما مع علمه فلا يتأتى منه قصد القربة بها.
وعلى كل فالعبادة المتعلق بها النهي مع علم المكلف بمبغوضيتها تكون فاقدة للأمرين ، لعدم اتيانها بقصد القربة ، وغير صالحة للقربة ، ومع غفلة المكلف تكون فاقدة لامر واحد وهو كونها غير صالحة للتقرب ، ومع وقوعها في الخارج غير مقربة لا تكون واجدة لشرط سقوط القضاء والاعادة الذي هو وقوعها مقربة.
وقد أشار المصنف الى ذلك بقوله : ((وكذا بمعنى سقوط الاعادة فانه)) أي سقوط الاعادة ((مترتب على اتيانها بقصد القربة)) لوضوح انها اذا لم يقصد بها القربة لا تقع مقربة وهذا هو الأمر الأول.
والأمر الثاني ما أشار اليه بقوله : ((وكانت مما يصلح لأن يتقرب بها ومع الحرمة لا تكاد تصلح لذلك)) أي لان تقع قريبة لو تاتى قصد القربة بها غفلة ، ومع العلم بالحرمة لا يعقل أن يأتى قصد القربة ، ولذا قال : ((ويتأتى قصدها من الملتفت الى حرمتها)) أي مع الحرمة الذاتية لا تكاد تصلح للقربة ولا يكاد يتأتى قصد القربة من الملتفت لعلمه بالحرمة.
وقد ظهر مما ذكرنا : ان قوله : ((ويتأتى)) معطوفة على قوله : ((تكاد)) أي لا تكاد تصلح لذلك ولا تكاد يتأتى قصدها من الملتفت.
(١) حاصل هذا الايراد ان النهي التحريمي الذاتي لا يعقل ان يتعلق بالعبادة ، ولا يمكن ان تكون العبادة بما هي عبادة محرمة بالحرمة الذاتية لان المأتي به لا يقع