لا يفعل خارج عن تحت الاختيار ، فلا يصح أن يتعلق به البعث والطلب ، فاسد ، فإن الترك أيضا يكون مقدورا ، وإلا لما كان الفعل مقدورا وصادرا بالارادة والاختيار ، وكون العدم الازلي لا بالاختيار ،
______________________________________________________
ميلها الى الوجود ، بخلاف الامر فان كون المتعلق للطلب فيه هو وجود الفعل وايجاده موضع وفاق.
ولا يخفى ان مادة النهي تابعة لهذا الخلاف لأن المنصرف من لفظ النهي أو الموضوع له فيه هو ما أنشئ بالصيغة ، فان قلنا ان ما ينشأ بصيغة النهي هو طلب الترك وعدم الفعل كان المراد من مادة النهي هو هذا الانشاء ، وان قلنا ان ما ينشا بالصيغة هو طلب الكف كان المراد من مادة النهي هو انشاء طلب الكف.
والمختار للمصنف ان ما ينشأ بالصيغة هو طلب مجرد الترك وان لا يفعل دون طلب الكف ، واليه اشار بقوله : ((الظاهر هو الثاني)) لان الثاني في مساق عبارته هو مجرد الترك وان لا يفعل. ولعل سبب استظهاره ذلك هو ان الصيغة مركبة من هيئة ومادة ، والمادة هي الفعل والهيئة دالة على طلب مجرد ترك الفعل ولا يستفاد منها غير ذلك ، فلا دلالة فيها على ذلك المعنى المدعى وهو كف النفس عن ميلها ، مضافا الى ما ذكروه في بعض المطولات من انه لا يعقل ان يكون المراد بصيغة النهي هو طلب الكف ، اذ المراد من الكف ـ كما مر ـ هو ردع النفس عن ميلها إلى الفعل ، فيلزم على هذا ان يكون المكلف الذي ليس له ميل إلى الفعل ان لا يكون منهيا وغير متوجه اليه النهي ، لانه اذا كان لا يمكن ان يحصل له ميل فطلب الردع عن الميل طلب المستحيل ، واذا كان مما يمكن ان يحصل له ميل فيجب على المكلف تحصيل الميل ليتمكن من امتثال النهي ، ومن البعيد جدا ان يلتزم بانه يجب على المكلف الميل ليقدر على الامتثال ، وحينئذ فينحصر على القول بطلب الكف في النهي اختصاص النهي بخصوص من له الميل الى الفعل وهذا ايضا من المستبعد جدا.