لا يوجب أن يكون كذلك بحسب البقاء والاستمرار الذي يكون بحسبه محلا للتكليف (١).
______________________________________________________
(١) هذا اشارة الى البرهان الذي اقامه مدعي ان النهي هو طلب الكف لا مجرد ان لا يفعل.
وحاصله : ان عدم الفعل غير مقدور ، ويشترط في الامر والنهي ان يكونا متعلقين بما هو مقدور ، والدليل على ان العدم غير مقدور امور ثلاثة :
الأول : ان العدم نفي محض لا محل لتاثير القدرة فيه ، اذ العدم لا شيء ومتعلق القدرة لا بد وان يكون شيئا.
والجواب عنه : ان القدرة على ما عرفوها هي كون الشخص ان شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل ، فالقادر هو الذي يستطيع ان يشاء وان لا يشاء ، فالفعل وجوده تحت القدرة لانه يستطيع وجوده فيفعله وعدمه تحت القدرة ايضا لانه لما كان يستطيع أن يشاء فيفعل كان نقض العدم وتبديله بالوجود تحت قدرته وهذا المقدار كاف في نسبة القدرة الى العدم وانه من المقدور لا من غير المقدور ، فهو يستطيع ان لا يفعل بالمعنى الذي ذكرناه مضافا الى انه لو لم يكن عدم الفعل تحت قدرة الشخص لكان وجوده ضروري التحقق من الشخص فلا يكون فعله مقدورا ايضا.
والحاصل : ان الفعل اذا كان غير مقدور فالعدم غير مقدور لعدم القدرة على نقضه ، واذا كان الفعل ضروري التحقق من غير اختيار للشخص فيه كحركة المرتعش فالعدم غير مقدور وهو واضح ، والفعل ايضا غير مقدور لانه لم يكن الشخص بالنسبة اليه بحيث ان شاء فعل ، واذا كان الفعل مقدورا للشخص بحيث ان شاء فعل كان العدم مقدورا ايضا لاستطاعة نقضه وتبديله ، والى هذا الجواب اشار بقوله : ((فان الترك ايضا يكون مقدورا وإلّا لما كان الفعل مقدورا)) وحاصله : انه ليس معنى القدرة التأثير حتى تختص بالوجود ، بل القدرة هي الاستطاعة وليس لازم الاستطاعة التأثير في الوجود والعدم.