ثالثها : قوله تبارك وتعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً.)
وفيه ما لا يخفى ، ضرورة أن استعمال الجملة الشرطية فيما لا مفهوم له أحيانا وبالقرينة ، لا يكاد ينكر ، كما في الآية وغيرها ، وإنما القائل به إنما يدعي ظهورها فيما له المفهوم وضعا أو بقرينة عامة ، كما عرفت (١).
______________________________________________________
الشرطية التزاما على الانحصار غير صحيح ، بل لا بد في مقام الجواب انه تثبت دلالة القضية الشرطية التزاما على المفهوم اما بالوضع او بالانصراف او بالاطلاق.
فتبين مما ذكرنا : ان الاستدلال على عدم المفهوم بمحض عدم الدلالة ، والجواب عنه بمحض انها لها دلالة كلاهما غير خاليين عن المناقشة.
(١) هذا ثالث الوجوه التي استدل بها على عدم دلالة القضية الشرطية على المفهوم وهو قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) ومعنى الآية ـ والله العالم ـ هو حرمة اكراه الفتيات على البغاء إن اردن التحصن ، فلو كانت القضية الشرطية دالة على المفهوم لكان مفهوم هذه القضية الشرطية هو عدم حرمة اكراه الفتيات على البغاء حيث لم يردن التحصن ومن الواضح ان الاكراه على البغاء محرم في جميع الاحوال سواء اردن الفتيات التحصن او لم يردنه ، اما اذا كانت الشرطية لا دلالة لها على المفهوم وانما هي لمحض الثبوت عند الثبوت فلا يكون للآية دلالة على ما يخالف ما هو معلوم ضرورة.
والجواب عنه : ان مدعي المفهوم في القضية انما يدعي دلالة القضية عليه حيث لا تقوم قرينة على عدم ارادة المفهوم فانه لا يدعي عدم امكان استعمال الشرطية فيما لا مفهوم له حتى يكون السلب الجزئي منافيا لدعوى الموجبة الكلية ، وفي المقام قد قامت القرينة في ان هذه الشرطية وامثالها تستعمل فيما لا مفهوم له ، وحاصل القرينة في المقام هو ان ارادة المفهوم من هذه القضية وما يجري مجراها غير معقول لوضوح