(يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ) أي ومن يعرض عن طاعة الله ورسوله بالتخلف (يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً) [١٧] قرئ بالنون وبالياء (١).
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨))
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ) أي الذين نزلوا معكم في الحديبية (إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) يعني السمرة ، فانه بايعهم تحتها بعد ما أرسل عثمان إلى مكة ليستأذن منهم حتى يخلوا (٢) بينه وبين بيت الله ، ثم سمع النبي عليهالسلام أن عثمان قد قتل في مكة حين ذهب إليها رسولا من النبي عليهالسلام على أن يحاربوا قريشا وأن لا يفروا وعلى الموت ، وقال عليهالسلام : «إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله وحاجة المؤمنين» ، ثم وضع إحدى يديه على الأخرى وقال «هذا بيعة عثمان» (٣)(فَعَلِمَ) الله (ما فِي قُلُوبِهِمْ) من الصدق والوفاء (فَأَنْزَلَ) الله (السَّكِينَةَ) أي الطمأنينة (عَلَيْهِمْ) أي على قلوبهم بسبب الصلح (وَأَثابَهُمْ) أي أعطاهم جزاء عن ذلك (فَتْحاً قَرِيباً) [١٨] يعني فتح خيبر بعد انصرافه من مكة ، ثم صالحهم النبي عليهالسلام حين أتاه عثمان بالصلح وانصرف إلى خيبر بعد أن نحر بالحديبية وحلق.
(وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٩))
(وَمَغانِمَ) أي وأثابهم مغانم (كَثِيرَةً) من أموال اليهود (يَأْخُذُونَها) أي يغتنمونها بعد القتل والأسر وكانت ذات عقار وأشجار فقسمها عليهم (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) بالنقمة من الأعداء (حَكِيماً) [١٩] يحكم بالقتل والأسر وأخذ الغنيمة للمؤمنين من الكافرين.
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠))
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها) أي تغتنمونها وهي ما أصابوا مع رسول الله وبعده إلى يوم القيامة (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) أي غنيمة خيبر (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) بالصلح وهو صلح النبي عليهالسلام بأهل مكة لينفعكم بها (وَلِتَكُونَ) هذه (٤) الكفة أو الغنيمة المعجلة من فتح خيبر (آيَةً) أي عبرة (لِلْمُؤْمِنِينَ) على صدقك إذا وجدوا وعد الله بها صادقا ، لأن صدق الاخبار عن الغيب معجزة على صدقه ، لأن المسلمين كانوا ثمانية آلاف وأهل خيبر كانوا سبعين ألفا (وَيَهْدِيَكُمْ) أي يثبتكم (صِراطاً مُسْتَقِيماً) [٢٠] أي على دين الإسلام بصدق وعده.
(وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢١))
قوله (وَأُخْرى) مبتدأ و (لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) صفته و (قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) خبره ، ويجوز أن يكون عطفا على (مَغانِمَ كَثِيرَةً) أو على (هذِهِ) ، أي وعدكم الله غنيمة أخرى لم تقدروا عليها ، يعني ما ملكتموها بعد وهي فتح مكة أو غنائم هوازن قد علم الله أنها ستكون لكم بالفتح ومعلومه واقع ضرورة (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) [٢١] من أمر الفتح وغيره.
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٢٢))
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي كفار مكة يوم الحديبية ولم يصالحوا أو أسد وغطفان من اليهود في معاونة
__________________
(١) «يدخله» ، «يعذبه» : قرأ المدنيان والشامي بالنون فيهما والباقون بالياء التحتية فيهما. البدور الزاهرة ، ٢٩٩.
(٢) به ، + ح.
(٣) روى أبو داود نحوه ، الجهاد ، ١٥١ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٢٥٦.
(٤) هذه ، ح : ـ وي.