(قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤) فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥))
(قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) [٣٢] وهم قوم لوط (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ) [٣٣] مطبوخ بالنار (مُسَوَّمَةً) من السومة وهي العلامة ، أي معلمه عليها باسم من يرمى بها (عِنْدَ رَبِّكَ) أي جاءت الحجارة من عند ربك (لِلْمُسْرِفِينَ) [٣٤] الذين لم يقنعوا بما أبيح لهم من النسوان للحرث بل أتوا الذكران فاغتم إبراهيم عليهالسلام لأجل لوط فيهم فقال تعالى (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها) أي في قرى لوط (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [٣٥] ولم يجر لها ذكر لكونها معلومة.
(فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٣٧))
(فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ) أي إلا بيتا (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [٣٦] وهو بيت لوط وأهله وكانوا ثلاثة عشر ، وصفوا بالإيمان والإسلام لأنهما صفتا مدح ، وفيه دليل أن الإيمان والإسلام واحد أو إشارة إلى أنهم جمعوا بين الوصفين لا إلى أنهما واحد (وَتَرَكْنا فِيها آيَةً) أي عبرة (لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [٣٧] من بعد إهلاكهم.
(وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨))
قوله (وَفِي مُوسى) عطف على قوله (وَتَرَكْنا فِيها آيَةً) ، أي وجعلنا في موسى ، يعني في شأن ، وخبره (آيَةً) ، قوله (إِذْ أَرْسَلْناهُ) ظرف ل «تَرَكْنا» (إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) [٣٨] حال من «موسى» ، أي ملابسا بحجة واضحة كاليد والعصا.
(فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠))
(فَتَوَلَّى) أي أعرض فرعون (بِرُكْنِهِ) أي بجنوده عن الإيمان ، وسماهم ركنا لأنهم له كالركن للبناء في التقوية (وَقالَ) فرعون لموسى هو (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [٣٩] فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ) أي طرحناهم (فِي الْيَمِّ) أي في البحر ، يعني أغرقناهم أجمعين (وَهُوَ) أي فرعون (مُلِيمٌ) [٤٠] أي والحال أنه يلوم نفسه بذنبه وكفره ويلومه الناس به من قولهم ألام الرجل إذا أتى بذنب يلام عليه ، وهو تكذيب الرسل ودعوى الألوهية ، واللوم يقع على الصغيرة والكبيرة.
(وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣))
(وَفِي عادٍ) أي تركنا في إهلاك عاد آية (إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) [٤١] أي التي لا خير فيها لأنها ريح الهلاك.
(ما تَذَرُ) أي ما يترك (مِنْ شَيْءٍ) أي من أنفسهم وأموالهم (أَتَتْ) أي مرت (عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ) أي صيرته (كَالرَّمِيمِ) [٤٢] أي كالورق البالي المتفتت ، من رم إذا تفتت من البلي كالعظم والنبات.
(وَفِي ثَمُودَ) أي (١) وتركنا في إهلاك ثمود آية وهم قوم صالح (إِذْ قِيلَ لَهُمْ) أي قال نبيهم صالح (تَمَتَّعُوا) أي عيشوا (حَتَّى حِينٍ) [٤٣] أي إلى انقضاء آجالكم وهي ثلاثة أيام.
(فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٤٤) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (٤٥) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٤٦))
(فَعَتَوْا) أي تكبروا (عَنْ) امتثال (أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) أي النار النازلة التي تحرق (وَهُمْ
__________________
(١) أي ، وي : ـ ح.