محذوف ، أي لحق حقا مثل نطقكم ، ورفعه صفة (لَحَقٌّ) ، لأنه نكرة لكثرة المماثل و (ما) مزيدة.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤))
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) [٢٤] أي أكرمهم الله تعالى كقوله (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)(١) ، أي بالعصمة والتأييد أو إكرامهم بأن إبراهيم خدمهم بنفسه وأخدمهم امرأته وعجل لهم القرى ، الاستفهام فيه تفخيم للحديث وتنبيه على أنه بالوحي لا من علم النبي عليهالسلام.
(إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥))
قوله (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) نصب ب (الْمُكْرَمِينَ) أو باذكر مقدرة ، وهم كانوا اثني عشر ملكا منهم جبرائيل وميكائيل أو عشرة مع جبرائيل أو ثلاثة هو وميكائيل وملك آخر ، وسماهم ضيفا لأنه أضافهم بحسبانه كذلك (فَقالُوا) أي فعند دخولهم قالوا (سَلاماً) أي سلموا عليه سلاما ، فمعنى «قالوا» سلموا أو قالوا نسلم عليكم سلاما بالنصب المشعر على الفعل ليدل على التجدد المناسب لحال إبراهيم (قالَ) إبراهيم في رد السّلام عليهم الجملة الاسمية ليدل على الثبات المناسب لوصفهم وليكون أحسن السّلام كما أمر الله تعالى (سَلامٌ) بالرفع (٢) مبتدأ ، خبره «عليكم» ، فنكرهم من سلامهم الذي لم يكن علم الإسلام فقال لهم بالاستفهام أنتم (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) [٢٥] لي فعرفوني من أنتم.
(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨))
(فَراغَ) أي فمال (إِلى أَهْلِهِ) سرا للتأدب (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) [٢٦] أي مشوى.
(فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ) ليأكلوه فتركوه (قالَ) إنكارا عليهم بالهمزة أو حثا لهم على الأكل (أَلا تَأْكُلُونَ) [٢٧] فقالوا نحن لا نأكل بغير ثمن ، فقال كلوه وأعطوا الثمن فقالوا ما ثمنه قال بسم الله في أول الأكل والحمد لله في أخره فعجبت الملائكة لقوله فلما رآهم (٣) لا يأكلون ولم يتحرموا بطعامه.
(فَأَوْجَسَ) أي أضمر في نفسه (مِنْهُمْ خِيفَةً) أي خوفا ، لأنه ظنهم أعداء لعدم أكلهم ولغرابة شكلهم (قالُوا لا تَخَفْ) روي : «أن جبرائيل عليهالسلام مسح العجل بجناحه فقام يمشي خلف أمه» (٤)(وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) [٢٨] قيل : هو إسحق (٥) أو إسمعيل (٦).
(فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٣١))
(فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ) أي صيحة وهو حال ، يعني فجاءت امرأته سارة تعجبا من البشارة بالولد (فَصَكَّتْ وَجْهَها) أي ضربت بيدها خديهما (وَقالَتْ) أنا (عَجُوزٌ عَقِيمٌ) [٢٩] أي عاقر فكيف ألد (قالُوا) أي قال جبرائيل لها (كَذلِكَ) أي مثل قولنا لك (قالَ رَبُّكِ) يعني يكون لك ولد (إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ) في أمره يحكم بالولد بعد الكبر (الْعَلِيمُ) [٣٠] بسر خلقه ووقت الولادة ، فلما علم إبراهيم أنهم (٧) ملائكة (قالَ) لهم (فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) [٣١] أي ما شأنكم ولماذا جئتم.
__________________
(١) الأنبياء (٢١) ، ٢٦.
(٢) «سلام» : قرأ الأخوان بكسر السين وإسكان اللام ، وغيرهما بفتح السين واللام وألف بعدها. البدور الزاهرة ، ٣٠٣.
(٣) فلما رآهم ، ح : وإذ رآهم ، وي.
(٤) ذكر عون بن شداد نحوه ، انظر الكشاف ، ٦ / ٣٦.
(٥) عن الحسن ، انظر الكشاف ، ٦ / ٣٦.
(٦) عن مجاهد ، انظر الكشاف ، ٦ / ٣٦.
(٧) أنهم ، وي : أنه ، ح.