الباقين (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) [١٢٠] أي الثناء الحسن (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [١٢١] إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) [١٢٢] أي المرسلين.
(وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤))
(وَإِنَّ إِلْياسَ) بقطع الهمزة مع الكسر وبوصلها (١)(لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) [١٢٣] إلى بني إسرائيل.
قيل : إنه إدريس نبي من أنبياء بني إسرائيل (٢) ، وقيل : هو إلياس صاحب الخضر وكان الخضر في الجزائر وإلياس في البراري ويجتمعان كل سنة في يوم عرفة بعرفات (٣) ، روي : أن ملك بعلبك كان يعبد صنما من ذهب اسمه بعل ، طوله عشرون أو ثلاثون ذراعا وكان له امرأة قتلت جارها وأخذت بستانه فغضب الله تعالى على الملك فبعث إليه إلياس ، وقال قل له فتردن بستانه على ورثته وإلا لتهلكن (٤) ، فأخبر تعالى عنه فقال اذكر (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ) [١٢٤] الله ، أي اتقوه وردوه البستان إلى الورثة.
(أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (١٢٥) اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦))
ثم وبخهم فقال (أَتَدْعُونَ) أي أتعبدون (بَعْلاً) أي الصنم (وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) [١٢٥] أي تتركون عبادته وهو خالقكم ، قوله (اللهَ) بالنصب بدل من (أَحْسَنَ) و (رَبَّكُمْ) صفته (وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) [١٢٦] عطف عليه ويقرأ بالرفع (٥) على أنه مبتدأ و (رَبَّكُمْ) خبره.
(فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (١٣٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢))
(فَكَذَّبُوهُ) أي إلياس (فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) [١٢٧] أي هم وأصنامهم في النار (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) [١٢٨] فانهم لا يحضرون النار لإيمانهم به بالإخلاص (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ) أي على إلياس (فِي الْآخِرِينَ [١٢٩] سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) [١٣٠] وقرئ «آل ياسين» بالإضافة (٦) ، أي سلام على إلياس ومن آمن به من قومه وجمعوا معه كقولهم إدريسين لإدريس وقومه ، قيل : غضب الملك غضبا شديدا على إلياس وهم بقتله فدعا الله أن يريحه منهم فرفعه الله إلى السماء وأهلك الملك وقومه بالقحط (٧)(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [١٣١] إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) [١٣٢] أي المخلصين في إيمانه وطاعته.
(وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٣٦))
(وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) [١٣٣] إلى قومه فكذبوه فأرادوا إهلاكه فقال : رب نجني وأهلي مما يعملون ، فنجاه
__________________
(١) «وإن إلياس» : قرأ ابن ذكوان بخلف عن بوصل همزة «إلياس» ، فيصير اللفظ بلا ساكنة بعد «إن» ، فان وقف على «إن» ابتدأ بهمزة مفتوحة ، لأن الأصل ياس دخلت عليه أل ، وغيره بهمزة قطع مكسورة في الحالين ، وهو الوجه الثاني لابن ذكوان ، والوجهان عنه صحيحان. البدور الزاهرة ، ٢٧٠.
(٢) عن عبد الله بن مسعود ، انظر البغوي ، ٤ / ٥٧١ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ١٢٣ ؛ والكشاف ، ٥ / ١٢٣.
(٣) هذا الرأي مأخوذ عن السمرقندي ، ٣ / ١٢٣.
(٤) ولم أجد له أصلا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٥) «الله ربكم ورب» : قرأ حفص والأخوان ويعقوب وخلف بنصب الهاء من لفظ الجلالة ، والباء من «ربكم» و «رب» ، والباقون برفع الثلاثة. البدور الزاهرة ، ٢٧٠.
(٦) «إلياسين» : قرأ نافع والشامي ويعقوب بفتح الهمزة ومدها وبعدها لام مكسورة مفصولة من «ياسين» كفصل اللام من العين في «آل عمران» ؛ وعلى هذا تكون آل كلمة وياسين كلمة ، فيجوز قطع آل عن ياسين ، والوقف على آل عند الاضطرار أو الاختيار بالباء الموحدة ، والباقون بكسر الهمزة وبعدها لام ساكنة فتكون كلها كلمة واحدة ، فلا يجوز فصل بعضها من بعض ، فيجب الوقف على آخرها. البدور الزاهرة ، ٢٧٠.
(٧) ولم أجد له مرجعا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.