ذُرِّيَّتُهُمْ) مفردا وجمعا (١) ، أي أدخلناهم مع آبائهم الجنة ، قيل : إن الولد الصغير يحكم باسلامه تبعا لأحد ألأبوين ، والولد الكبير المسلم ألحق بأبيه الصالح في درجته بايمان نفسه وإن لم يبلغ عمله عمله تكرمة لأبيه (٢)(وَما أَلَتْناهُمْ) بفتح اللام وكسرها (٣) ، أي ما نقصناهم (مِنْ عَمَلِهِمْ) أي (٤) من ثواب عمل الآباء بسبب الأبناء (مِنْ شَيْءٍ) أي شيئا ، ف (مِنْ) زائدة (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ) من عمله الخير (رَهِينٌ) [٢١] أي مرهون نفسه عند الله بعمله الصالح الذي هو دين عليه إن أداه كما هو المطلوب منه فكه (٥) من الرهن وإلا أوبقه أو المعنى : أن المرء يوم القيامة محبوس بعمله الخير والشر ومطالب لأجل الجزاء به.
(وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (٢٣))
قوله (وَأَمْدَدْناهُمْ) عطف على قوله (وَما أَلَتْناهُمْ) ، أي زدناهم في وقت بعد وقت (بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) [٢٢] وإن لم يصرحوا بطلبه.
(يَتَنازَعُونَ) أي يتعاطون بينهم (فِيها) أي في الجنة (كَأْساً) أي قدح الخمر (لا لَغْوٌ فِيها) أي لا باطل من القول في شربها (وَلا تَأْثِيمٌ) [٢٣] بالفتح والرفع فيهما (٦) ، أي لا عمل لهم فيها يوجب الإثم بسبب شرب الخمر كشاربي خمر الدنيا ، لأنها لا تزيل العقول.
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤))
(وَيَطُوفُ) أي يدور (عَلَيْهِمْ) مع ذلك التنعم للخدمة (غِلْمانٌ) أي أرقاء (لَهُمْ) مخصوصون (٧) بهم (كَأَنَّهُمْ) حسنا ولطافة (لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) [٢٤] أي مصون في الصدف لم تمسه الأيدي ، قال عليهالسلام : «إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدامه فيجيبه ألف ببابه لبيك لبيك» (٨).
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٥))
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) بعد اجتماعهم ودوران الكأس عليهم (يَتَساءَلُونَ) [٢٥] أي يسأل في الجنة بعضهم بعضا تلذذا واعترافا بالنعمة العظيمة عن سبب الوصول إليها.
(قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (٢٧))
(قالُوا) أي أجابوا عن ذلك بقوله (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ) أي في الدنيا (فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) [٢٦] أي (٩) خائفين من عذابه تعالى بعصيانه (فَمَنَّ اللهُ) أي تفضل (عَلَيْنا) بالرحمة والمغفرة (وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ) [٢٧] أي دفعه عنا ، و (السَّمُومِ) اسم من أسماء جهنم.
__________________
(١) «ذريتهم» : قرأ المدنيان والبصريان والشامي بألف بعد الياء على الجمع مع كسر التاء ، والباقون بحذف الألف على التوحيد مع نصب التاء. البدور الزاهرة ، ٣٠٥.
(٢) أخذه المؤلف عن البغوي ، ٥ / ٢٣٤.
(٣) «ألتناهم» : قرأ ابن كثير بكسر اللام ، وغيره بفتحها. البدور الزاهرة ، ٣٠٥.
(٤) أي ، وي : ـ ح.
(٥) فكه ، ح و : ففكه ، ي.
(٦) «لا لغو» ، «ولا تأثيم» : قرأ المكي والبصريان بفتح الواو من «لغو» والميم من «تأثيم» من غير تنوين ، والباقون برفعهما مع التنوين وأبدل همز «تأثيم» في الحالين ورش والسوسي وأبو جعفر وفي الوقف حمزة. البدور الزاهرة ، ٣٠٥.
(٧) مخصوصون ، ي : يحضرون ، ي ، محضرون ، و؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٤٢.
(٨) انظر الكشاف ، ٦ / ٤٢. ولم أعثر عليه بهذا اللفظ في كتب الأحاديث المعتبرة التي راجعتها. وروى أحمد بن حنبل في مسنده (٣ / ٧٦): «إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم واثنان وسبعون زوجة ..».
(٩) أي ، وي : ـ ح.