(فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤))
ثم بين حالهم فقال هم (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) [٢٨] أي مقطوع من الشوك مملوء الحمل وهو شجر النبق ثمر معروف محبوب عند العرب (وَطَلْحٍ) أي هم في موز (مَنْضُودٍ) [٢٩] أي متراكم بعضه على بعض (وَ) في (ظِلٍّ مَمْدُودٍ) [٣٠] أي دائم (وَماءٍ مَسْكُوبٍ) [٣١] أي جار دائما (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ [٣٢] لا مَقْطُوعَةٍ) بالزمان ، أي لا تنقطع في بعض الأوقات (وَلا مَمْنُوعَةٍ) [٣٣] عنهم ، يعني لا يمنعون من النظر إليها ومن الأكل منها (وَفُرُشٍ) أي هم في فرش على الأسرة (مَرْفُوعَةٍ) [٣٤] بعضها فوق بعض ، قال عليهالسلام : «ارتفاعها كما بين السماء والأرض» (١) أو المراد من الفرش النساء المرفوعات على الأرائك بالفضل والجمال.
(إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨))
(إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ) الضمير للنساء بدلالة الفرش عليها ، أي خلقنا النساء فيها وهي نساء الدنيا (إِنْشاءً) [٣٥] أي خلقا جديدا من غير ولادة (فَجَعَلْناهُنَّ) بعد أن كن عجائز ، وهن أفضل وأحسن من حور الجنة (أَبْكاراً) [٣٦] أي عذارى في الجنة كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا (عُرُباً) بضم الراء وسكونها (٢) ، جمع عروب وهي العاشقة إلى زوجها (٣) والحسنة التبعل والكلام له (أَتْراباً) [٣٧] جمع ترب مستويات في السن ، بنات ثلاث وثلاثين سنة وسن أزواجهن كذلك (لِأَصْحابِ الْيَمِينِ) [٣٨] اللام يتعلق بقوله (أَنْشَأْناهُنَّ) أو خبر مبتدأ محذوف ، أي هذا الوصف من الكرامة لهم وهم المسلمون.
(ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠))
روي : أنه لما نزل (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ)(٤) ، قيل يا رسول الله : آمنا بالله ورسوله والناجي منا قليل فنزل قوله تعالى (٥)(ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ [٣٩] وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) [٤٠] أي أصحاب اليمين جماعة من أول هذه الأمة وجماعة من آخر هذه الأمة ، قال النبي عليهالسلام : «ثلة من الأولين وثلة من الآخرين هما جميعا من أمتي» (٦).
(وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١))
(وَأَصْحابُ الشِّمالِ) هذا ذكر الصنف الثالث ، أي أصحاب الشمال الذين كانوا على شمال آدم يوم الميثاق وهم الكافرون (ما أَصْحابُ الشِّمالِ) [٤١] أي لا يدرون ما لهم من الشر (٧) وشدة الحال يوم القيامة.
(فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤))
ثم بين حالهم بقوله (فِي سَمُومٍ) أي هم في ريح حارة من النار تنفذ (٨) في المسام (٩)(وَحَمِيمٍ) [٤٢] أي في ماء شديد الحر (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) [٤٣] أي في (١٠) دخان شديد السواد (لا بارِدٍ) كغيره من الظلال (وَلا كَرِيمٍ) [٤٤] أي لا حسن مقيله.
(إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨))
ثم علل استحقاقهم بتلك العقوبة بقوله (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) أي في الدنيا (مُتْرَفِينَ) [٤٥] أي متكبرين في
__________________
(١) رواه الترمذي ، صفة الجنة ، ٨ ، وتفسير القرآن ، ٥٦ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٥ / ٢٩٢.
(٢) «عربا» : قرأ شعبة وحمزة وخلف باسكان الراء ، والباقون بضمها. البدور الزاهرة ، ٣١٢.
(٣) إلى زوجها ، ح ي : أزواجها ، و.
(٤) الواقعة (٥٦) ، ١٤.
(٥) عن عروة بن رويم ، انظر الواحدي ، ٣٣٢.
(٦) روى أحمد بن حنبل نحوه ، ٢ / ٣٩١.
(٧) الشر ، وي : شر ، ح.
(٨) تنفذ ، وي : ينفذ ، ح.
(٩) في المسام ، ح و : في المشام ، ي.
(١٠) في ، ح : ـ وي.