(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦))
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ) أي في إبراهيم ومؤمنيه في الاقتداء (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) أي طريق مرضي يؤتسى به ، وإنما كرره بما جاء به من القسم حثا على الاتساع بابراهيم وقومه وتقريرا وتأكيدا عليهم ، قوله (لِمَنْ كانَ) بدل من (لَكُمْ) ، أي كان لمن (يَرْجُوا اللهَ) أي ثوابه (وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) أي حسن حسابه في إبراهيم ومن تابعه أسوة مرضية فليقتد بهم (وَمَنْ يَتَوَلَّ) أي يعرض عن الإيمان والطاعة (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ) عن جميع خلقه وإيمانهم (الْحَمِيدُ) [٦] فيما يفعل ويحكم.
(عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧))
(عَسَى اللهُ) أي لعل الله (أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ) أي من كفار مكة (مَوَدَّةً) بالإسلام فاصبروا على ما أمر الله به (١) لكم (وَاللهُ قَدِيرٌ) على المودة بتسليط النبي عليهالسلام على أهل مكة (وَاللهُ غَفُورٌ) لمن تاب من المعصية (رَحِيمٌ) [٧] لمن أطاع بأمره ، فلما فتح النبي عليهالسلام مكة أسلموا فوقع بينهم مودة بالإسلام فخالطوهم وناكحوهم وتزوج النبي عليهالسلام بنت أبي سفيان.
(لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨))
قوله (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ) رخصة في صلة الذين عاهدوا النبي عليهالسلام على أن لا يعينوه ولا يعينوا عليه ، فوفوا بذلك ، أي لا ينهاكم أيها المؤمنون عن صلة المعاهدين بكم (أَنْ تَبَرُّوهُمْ) هو بدل من (الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ) ، أي لا ينهاكم الله عن مبرتهم ووصلتهم وإنما ينهاكم عن موالاتهم (وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) أي لا ينهاكم عن أن تعدلوا معهم وتحسنوا إليهم عند الوصلة بوفاء عهدهم ، فعدي ب «إلى» لتضمنه (٢) معنى الإحسان (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [٨] أي العادلين ، من أقسط إذا عدل.
(إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩))
(إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ) وهم أهل مكة (وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا) أي عاونوا (عَلى إِخْراجِكُمْ) من دياركم (أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) أي عن أن تودوهم وتناصحوهم (٣)(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ) منكم ، أي من (٤) يحبهم (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [٩] أنفسهم بكفرهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ) بألسنتهم (مُهاجِراتٍ) من دار الحرب (فَامْتَحِنُوهُنَّ) أي اختبروهن بالاستخلاف ما خرجنا إلا رغبة في دين الإسلام لا لكراهية الزوج ولا لعشق رجل ولا لغرض
__________________
(١) به ، وي : ـ ح.
(٢) لتضمنه ، ح ي : لتضمينه ، و.
(٣) وتناصحوهم ، وي : وتناصحوا ، ح.
(٤) من ، ح : ـ وي.