أَمْرِهِ) أي أمر الدارين (١)(يُسْراً) [٤] يعني يسهل (٢) عليه أمرهما ويخلصه (٣) من شدائدهما.
(ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥))
(ذلِكَ) أي المذكور من حكمه (٤) تعالى (أَمْرُ اللهِ) أي حكمه وفرضه (أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ) في القرآن على نبيكم (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) ويعمل بأحكامه وفرائضه (يُكَفِّرْ عَنْهُ) بالياء والنون (٥)(سَيِّئاتِهِ) في دار الدنيا (وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) [٥] أي ثوابا في دار الآخرة.
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦))
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ) هذا ذكر أحكام المطلقات على الأزواج ، أي أنزلوهن بعد الطلاق مكانا من حيث تسكنون فيه ، ف (مِنْ) للتبعيض في المكان كما في قولك جئت من الليل ، في بعض الليل ، و (مِنْ) في (مِنْ وُجْدِكُمْ) بيان (مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ) ، والوجد الوسع والطاقة والغنا ، أي مما تطيقونه من مكان سكناكم (٦)(وَلا تُضآرُّوهُنَّ) أي لا تؤذوهن (لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) في المكان والنفقة فيتركن ذلك لكم على طريق الفداء وإسقاط الحق عليكم (وَإِنْ كُنَّ) أي المطلقات (أُولاتِ حَمْلٍ) أي ذوات حمل (فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) والسكنى والنفقة واجبتان لكل مطلقة رجعية أو بائنة ، وعند الشافعي رحمهالله ليس للبائنة إلا السكنى ولا نفقة لها ، وفائدة الشرط في قوله (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ) عند أبي حنيفة وأصحابه رحمهمالله أن مدة الحمل ربما طال ، فظن ظان أن النفقة تسقط إذا مضى مقدار عدة الحائل فنفي ذلك الوهم ، وأما المتوفى عنها وهي حامل ، فالأكثر على أن لا نفقة لها ، وعن على رضي الله عنه وجماعة أنهم أوجبوا نفقتها (٧)(فَإِنْ أَرْضَعْنَ) أي المطلقات ولدا (لَكُمْ) منهن أو من غيرهن (فَآتُوهُنَّ) أي أعطوهن (أُجُورَهُنَّ) لأن النفقة على الأب وأجر الرضاع منها فهو على الأب ، إذا كانت المرأة مطلقة (وَأْتَمِرُوا) أي تشاوروا (بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) أي بأمر جميل وهو المسامحة في حق الصبي بأن يتواصي الأبوان على أجر معلوم والرضاع (٨) عن طيبة نفس (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ) في الرضاع ، يعني إن امتنع الأب عن إعطاء أجرة الرضاع وامتنعت الأم عن إرضاعه (فَسَتُرْضِعُ لَهُ) أي للصبي مرضع (أُخْرى) [٦] ولا تكره الأم على إرضاعه.
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧))
(لِيُنْفِقْ) بالجزم ، لأنه لام الأمر ، أي لينفق على المطلقات والمرضعات (ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) أي ذو غنا على قدر غناه ويسره (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) أي ضيق (فَلْيُنْفِقْ) عليهن (مِمَّا آتاهُ اللهُ) من المال على قدره وحاله (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً) في أمر النفقة (إِلَّا ما آتاها) أي الذي أعطاها من المال ، قوله (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) [٧] وعد لفقراء الأزواج بفتح أبواب الرزق عليهم (٩) ان أنفقوا (١٠) ما قدروا عليه من غير تقصير.
__________________
(١) الدارين ، وي : الدين ، ح ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٥ / ٤٠٣.
(٢) يسهل ، ح : سهل ، وي.
(٣) ويخلصه ، وي : وتخليصه ، ح.
(٤) حكمه ، وي : حكمته ، ح.
(٥) هذه القراءة مأخوذة عن السمرقندي ، ٣ / ٣٧٥.
(٦) مكان سكناكم ، ح و : مكانكم ، ي.
(٧) نقل المؤلف هذه الأقوال عن الكشاف ، ٦ / ١٢٦.
(٨) والرضاع ، وي : في الرضاع ، ح.
(٩) عليهم ، ح و : ـ ي.
(١٠) ان أنفقوا ، وي : ان تنفقوا (ان ينفقوا) ، ح.