قدرتك ، وأربعة سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك (١).
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨))
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) أي تساقون إلى الحساب والقصاص ، قيل : العرض يومئذ يدل على أن النفخة هي الثانية ، أجيب بأن المراد من اليوم الحين الواسع الذي يقع فيه النفختان والوقوف والحساب (٢)(لا تَخْفى) بالتاء والياء (٣)(مِنْكُمْ خافِيَةٌ) [١٨] أي مستورة من أعمالكم التي كانت خافية من الخلق ، قيل : «فيه ثلاث عرضات ، عرضتان جدال ومعاذير ، والثاثلة تطاير الكتب في الأيدي عندها» (٤).
(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (١٩))
ثم فصل العرض بقوله (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ) أي أعطي (بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ) سرورا بما فيه من الحسنات مخاطبا بجماعة (هاؤُمُ) أي خذوا كتابي ، وهاء صوت يفهم به الأمر كخذ ، ومفعوله محذوف وهو (٥)(كِتابِيَهْ) في (اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) [١٩] مفعول (اقْرَؤُا) عند البصريين وبالعكس عند الكوفيين ، وأصله : هاؤم كتابي ، اقرؤا كتابي فحذف الأول لدلالة الثاني عليه ، قالوا لو كان العامل الأول لقيل اقرؤه.
(إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (٢٢))
(إِنِّي ظَنَنْتُ) أي تيقنت (أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) [٢٠] يعني علمت أني أحاسب عند الله يوم القيامة ، لأني أصدق بالبعث (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [٢١] أي في عيش مرضي (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) [٢٢] أي مرتفعة المكان في السماء أو مرتفعة الدرجات أو مرتفعة المباني والقصور والأشجار.
(قُطُوفُها دانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (٢٤))
(قُطُوفُها) أي ثمرتها (دانِيَةٌ) [٢٣] أي قريبة التناول للقائم والقاعد والنائم ، يقال لهم (كُلُوا) من ثمارها (وَاشْرَبُوا) من شرابها (هَنِيئاً) أي طيبا حلالا بلا داء ولا إثم فيه (بِما أَسْلَفْتُمْ) أي بما قدمتم من الأعمال الصالحة (فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) [٢٤] أي الماضية في الدنيا ، أي من أيام الصيام التي خلت عن الأكل والشرب لوجه الله.
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧))
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ) من وراء ظهره فيأخذه بها (فَيَقُولُ) خوفا (يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ) أي لم أعط (كِتابِيَهْ [٢٥] وَلَمْ أَدْرِ) أي لم أعلم (ما حِسابِيَهْ [٢٦] يا لَيْتَها) أي يا ليت الموتة التي متها (كانَتِ الْقاضِيَةَ) [٢٧] أي القاطعة لحياتي ولم أبعث بعدها ولم ألق ما ألقي أو الضمير للحالة ، أي ليت الحالة كانت الموتة التي قضت على حياتي.
(ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١))
(ما أَغْنى عَنِّي) استفهام أو نفي ، أي أي شيء أو لم ينفعني (مالِيَهْ) [٢٨] أي يساري وكثرة عددي وعددي في الدنيا (هَلَكَ) أي بطل (عَنِّي سُلْطانِيَهْ) [٢٩] أي تسلطي على الناس بقوتي وحجتي وصرت ذليلا ، والهاء في (كِتابِيَهْ) وأمثاله هاء السكت تثبت (٦) وقفا لا وصلا يقال للخزنة يومئذ (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ) [٣٠] أي اجمعوا يديه إلى عنقه بالغل (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) [٣١] أي أدخلوه فيها.
__________________
(١) نقله المؤلف عن الكشاف ، ٦ / ١٥٠.
(٢) أخذه عن الكشاف ، ٦ / ١٤٩.
(٣) «لا تخفى» : قرأ الأخوان وخلف بياء التذكير ، وغيرهم بتاء التأنيث. البدور الزاهرة ، ٣٢٦.
(٤) عن أبي موسى ، انظر البغوي ، ٥ / ٤٤٤ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٣٩٩ (عن قتادة وابن مسعود).
(٥) هو ، ي : ـ ح و.
(٦) تثبت ، وي : يثبت ، ح.