لتعيشوا إلى أن تصيروا شيوخا (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ) أي من (١) قبل الأشد والشيوخة (وَ) يبقيكم (لِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى) أي وقتا معلوما لكم وهو وقت انقضاء الأجل (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [٦٧] أي ويفعل ذلك كله بكم من أطوار الخلق إلى الموت لكي تعقلوا دلائل التوحيد فتؤمنوا.
(هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٦٨) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩))
(هُوَ الَّذِي يُحْيِي) في الأرحام (وَيُمِيتُ) لانقضاء الأجل (فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [٦٨] بلا توقف ، أي إذا أراد إيجاد شيء ما وجد عقيب إرادته تعالى بلا إباء لا أن ثمه خطابا بالشيء سيوجد حقيقة (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) أي في القرآن أنه ليس منه (أَنَّى يُصْرَفُونَ) [٦٩] أي كيف يعدلون عن الحق.
(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠))
ثم وصفهم بقوله (الَّذِينَ كَذَّبُوا) وهو عطف بيان ل (الَّذِينَ يُجادِلُونَ) أو بدل منه (بِالْكِتابِ) أي جحدوا بالقرآن (وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا) وهو التوحيد (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [٧٠] ما (٢) ينزل بهم من العذاب في الدنيا والآخرة وهو (٣) تهديد للمكذبين.
(إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢))
قوله (إِذِ الْأَغْلالُ) ظرف ل (يَعْلَمُونَ) بمعنى إذا للاستقبال وإنما عبر به لصدق وعده تعالى فكأنه وجد لتيقنه وهو بيان لما ينزل بهم ، أي يعلمون وقت يجعل أيمانهم (فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ) في أرجلهم (يُسْحَبُونَ) [٧١] أي يجرون (فِي) الماء (الْحَمِيمِ) وهو ماء قد انتهى حره (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) [٧٢] أي يوقدون في نار جهنم فصاروا وقود النار.
(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ (٧٤))
(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ) أي يقول لهم الخزنة بعد الإحراق تبكيتا (أَيْنَ ما) أي أين الذي (كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ [٧٣] مِنْ دُونِ اللهِ) وهو الأوثان (قالُوا ضَلُّوا) أي غابوا (عَنَّا) فلم نرهم وذلك لشدة ما بهم من العذاب لم يعرفوهم والحال أنهم يقرنون مع آلهتهم ثم يندمون على إقرارهم وينكرون ويقولون (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) أي في الدنيا فلم يبق لهم حجة ثم (كَذلِكَ) أي مثل ضلال آلهتهم عنهم (يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) [٧٤] عن آلهتهم أو عن الحجة.
(ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥))
ثم قيل لهم (ذلِكُمْ) أي العذاب الذي أنتم فيه (بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ) أي بسبب فرحكم بالشرك (فِي الْأَرْضِ) أي في أرض الدنيا وتتكبرون فيها (بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) [٧٥] أي بسبب عصيانكم الحق واستهزائكم بالمؤمنين تفاخرا بدينكم الباطل.
(ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦))
ثم قيل لهم (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) أي في دركاتها (خالِدِينَ) أي مقدرين الخلود (فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى) أي مقام (الْمُتَكَبِّرِينَ) [٧٦] عن الإيمان بالحق ، والقياس أن يقال مدخل المتكبرين لكن الدخول المقدر بالخلود في معنى الثواء فاستقام قياس التكلم حينئذ (٤) فيكون ذكر (مَثْوَى) على القياس.
__________________
(١) من ، وي : ـ ح.
(٢) ما ، ي : ماذا ، ح و.
(٣) هو ، ح و : ـ ي.
(٤) فاستقام قياس التكلم حينئذ ، ح : ـ وي.