(بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢))
قوله (بَلْ عَجِبْتَ) بفتح التاء خطاب للنبي عليهالسلام و (بَلْ) هنا لابتداء الكلام ، أي إنك عجبت يا محمد من نزول الوحي عليك وتركهم الإيمان به بعد قيام البراهان (وَ) هم (يَسْخَرُونَ) [١٢] منك ومن تعجبك ويكذبونك حين سمعوه منك وبضم التاء (١) حكاية من الله تعالى ، والمعجب منه بمعنى الإنكار الشديد لقولهم وفعلهم والاستفهام لهما (٢) ، وقد يكون العجب منه بمعنى الإحسان في قوله عليهالسلام : «إن الله ليعجب من الشاب ليس له صبوة» (٣).
(وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤))
(وَإِذا ذُكِّرُوا) أي وعظوا بالقرآن (لا يَذْكُرُونَ) [١٣] أي لا يتعظون (وَإِذا رَأَوْا آيَةً) أي علامة كانشقاق القمر يدل على صدقك (يَسْتَسْخِرُونَ) [١٤] أي يستهزؤن بك (٤) أو يطلب بعضهم السخرية بك من بعض.
(وَقالُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨))
(وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) [١٥] أي بين (أَإِذا مِتْنا) أي قالوا أإذا متنا (وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) [١٦] بعد الموت (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) [١٧] بهمزة الاستفهام وب (أَوَ) العاطفة ، أي أنبعث نحن ويبعث آباؤنا الأقدمون ، قالوا ذلك استبعادا للبعث ، لأن آباءهم أقدم فبعثهم أغرب فقال تعالى (قُلْ) يا محمد (نَعَمْ) تبعثون (وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) [١٨] أي صاغرون.
(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩))
(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ) أي إذا أمر الله بالبعث فما نفخة البعث إلا صيحة (واحِدَةٌ) أي لا يحتاج إلى الأخرى (فَإِذا هُمْ) أي الخلائق كلهم أحياء (يَنْظُرُونَ) [١٩] ما يفعل بهم أو ينظرون إلى السماء كيف غيرت وإلى الأرض كيف بدلت.
(وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣))
(وَقالُوا) أي قال الكافرون إذا عاينوا بالبعث (يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ) [٢٠] أي يوم الحساب فيقول لهم الملائكة (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) أي القضاء بين الخلائق (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) [٢١] أي كنتم تقولون (٥) أنه لا يكون ، ثم ينادي مناد للملائكة (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي أشركوا أو كل ظالم (وَأَزْواجَهُمْ) أي أتباعهم وأعوانهم (وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) [٢٢] أي احشروهم مع إبليس وجنوده الذين اتبعوهم وأضلوهم من الشيطان ومع معبوديهم (٦) من الأوثان (فَاهْدُوهُمْ) أي عرفوهم طريق النار ليسلكوها أو سوقوهم (إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) [٢٣] وهي ما عظم من النار.
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤))
(وَقِفُوهُمْ) أي إذا ذهبوا بهم إلى النار أرسل الله إليهم ملكا فيقول قفوهم ، يعني احبسوهم (إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) [٢٤] عن ترك قول لا إله إلا الله أو عن جميع أفعالهم (٧) وأقوالهم.
__________________
(١) «عجبت» : ضم التاء الأخوان وخلف ، وفتحها غيرهم. البدور الزاهرة ، ٢٦٨.
(٢) لهما ، وي : بهما ، ح.
(٣) رواه أحمد بن حنبل ، ٤ / ١٥١.
(٤) بك ، وي : لك ، ح.
(٥) أي كنتم تقولون ، ح و : أي يقولون ، ي.
(٦) معبوديهم ، ح ي : معبوديهم ، و.
(٧) أفعالهم ، وي : أحوالهم ، ح.