أيضا ، يعني ذو عمى وهو عمى القلب ، أي عميت قلوبهم عنه لا يبصرونه ولا يفهمونه (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) [٤٤] في الآخرة إلى النار بأقبح أسمائهم يا كافر يا فاجر يا منافق هلموا إلى النار ذليلين.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥))
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) أي التورية (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) أي قال بعضهم صدق وبعضهم كذب كما اختلف في القرآن (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بتأخير العذاب (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي لحكم (١) بين العباد هنا ولهلك المكذبون كما هلك من قبلهم (وَإِنَّهُمْ) أي قومك (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) أي من العذاب بعد البعث (مُرِيبٍ) [٤٥] أي موقع الريبة أو ظاهر الشك.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦))
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) أي ثوابه لها (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) أي عذابه عليها (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [٤٦] أي لا يعذبهم بلا ذنب.
(إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧))
قوله (إِلَيْهِ) أي إلى الله (يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) نزل حين سئل (٢) النبي صلىاللهعليهوسلم عن الساعة (٣) ، أي إليه علمها متى تكون ، لا يعرفه (٤) غيره (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ) بالجمع والإفراد (٥) ، أي وإليه علم ما يخرج ، أي تطلع ثمرة (مِنْ أَكْمامِها) أي من أوعيتها ، جمع كم بكسر الكاف وهو وعاء الثمر (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى) أي لا تحمل انثى حملا (وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) تعالى فيعمله (٦) على أي وصف خلق في الرحم وعلى أي وصف وجد في كل زمان ومكان ، وكم أجله وما رزقه وما عاقبته من الرحمة والثواب لمن آمن وأطاع ومن الجزاء والعذاب لمن أشرك وأصر (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) أي اذكر يا محمد يوم ينادي الله الكفار (٧) وهو يوم القيامة (أَيْنَ شُرَكائِي) بزعمكم (قالُوا آذَنَّاكَ) أي أعلمناك (ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) [٤٧] يشهد أن لك شريكا ، قيل : (آذَنَّاكَ) يدل على سبق الإخبار بالإيذان فلم سئلوا؟ أجيب بأنه يجوز أن يعاد عليهم أين شركائي إعادة للتوبيخ ، ويجوز أن يكون إنشاء للإيذان لا إخبارا عنه بمعنى نعلمك (٨).
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨))
(وَضَلَّ) أي غاب يومئذ (عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ) أي يعبدونه في الدنيا وهي الأصنام (وَظَنُّوا) أي أيقنوا أو علموا (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) [٤٨] أي مخلص ومفر من النار.
(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (٤٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٠))
(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ) قيل : هذا أيضا من صفة الكافر (٩) ، أي لا يمل الكافر (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) أي من سؤاله وهو
__________________
(١) لحكم ، وي : يحكم ، ح.
(٢) عن ، + ح.
(٣) أخذه عن الكشاف ، ٥ / ٢٠٢.
(٤) لا يعرفه ، ح و : لا يعرفها ، ي.
(٥) «ثمرات» : قرأ المدنيان والشامي وحفص بألف بعد الراء على الجمع ، وغيرهم بحذف الألف على الإفراد. البدور الزاهرة ، ٢٨٤.
(٦) فيعلمه ، وي : ـ ح.
(٧) الكفار ، وي : الكافرين ، ح.
(٨) نقل المفسر هذه الأقوال عن الكشاف ، ٥ / ٢٠٣.
(٩) هذا القول مأخوذ عن الكشاف ، ٥ / ٢٠٣.