وقرئ «فيوحي» بالنصب باضمار أن و «يوحي» بالسكون عطفا على (يُرْسِلَ) بالرفع (١) ، وتقدير النظم : ما يجوز أن يكلم الله أحدا إلا موحيا إليه أو مسمعا من وراء حجاب أو مرسلا إليه رسولا.
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢))
(وَكَذلِكَ) أي مثل إيحائنا إلى الرسل (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) أي جبرائيل بأمرنا أو القرآن لأجل أمرنا وهو دين الإسلام يحييه كالروح للجسد ، قوله (ما كُنْتَ تَدْرِي) في محل النصب على الحال من كاف (إِلَيْكَ) ، أي لم تكن تعلم قبل الوحي (مَا الْكِتابُ) أي القرآن ف (ما) استفهامية (وَلَا) تدري ما (الْإِيمانُ) الشرعي دون العقلي ، لأن الأنبياء قبل الوحي كانوا مؤمنين موحدين بطريق العقل والاستدلال ، روي : أنه عليهالسلام كان يوحد الله ويبغض الأصنام ويحج ويعتمر ويتبع شريعة إبراهيم (٢)(وَلكِنْ جَعَلْناهُ) أي الكتاب والإيمان لأنه أقرب أو كل واحد منهما (نُوراً) أي ضياء من العمى (نَهْدِي) أي نرشد (بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) ونوفقه إلى الهدى وهو أهل له (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي) أي لتدعو الخلق (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [٥٢] أي دين الإسلام بسبب الكتاب.
(صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣))
قوله (صِراطِ اللهِ) بدل من «الصراط المستقيم» ، أي «إلى صراط الله» (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) من الخلق ، أي له ملكهما يتصرف فيه كيف يشاء (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) [٥٣] أي ترجع إليه أمور جميع الخلائق ، يعني عواقبها يوم القيامة.
__________________
(١) «أو يرسل» ، «فيوحي» : قرأ نافع برفع اللام من يرسل وباسكان الياء بعد الحاء من «فيوحي» ، والباقون بنصب اللام والياء. البدور الزاهرة ، ٢٨٨.
(٢) ولم أجد له مرجعا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.