الشرف أو عن القيام بحق القرآن.
(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥))
(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) أي اسئل أمم من أرسلنا من قبلك الذين يقرؤون كتبهم كعبد الله بن سلام وأصحابه ، وقيل : إن الأنبياء جمعوا ليلة المعراج وصلى بهم النبي عليهالسلام ببيت المقدس ، فقيل له صلىاللهعليهوسلم سل من رسلنا قبلك (١)(أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) [٤٥] يعني (٢) هل جاءهم رسول بدعوهم إلى عبادة غير الله فقال صلىاللهعليهوسلم لا أسألهم قد اكتفيت بعلمي ويقيني بما في كتاب الله المعجز المصدق لما بين يديه.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٦))
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) أي باليد والعصا (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) [٤٦] على سبيل التعريض.
(فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ (٤٧))
(فَلَمَّا جاءَهُمْ) موسى (بِآياتِنا) أي بعلاماتنا (إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) [٤٧] أي يسخرون ويعجبون ، قيل : كيف جاز أن يجاب «لما» ب (إِذا) للمفاجاة وهو ليس بفعل ليعمل في «لما» بمعنى حين؟ أجيب بأن (إِذا) متضمن لفعل المفاجاة وهو عامل النصب في محل (إِذا) على المفعولية ، تقديره : فلما جاءهم بآياتنا فأجاؤا وقت ضحكهم (٣).
(وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨))
(وَما نُرِيهِمْ) أي القبط (مِنْ آيَةٍ) كالطوفان والجراد والضفادع (إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ) أي أعظم (مِنْ أُخْتِها) أي من الآية التي كانت قبلها ليكون العذاب أعظم وأشد فلم يؤمنوا بشيء منها (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) أي عاقبناهم بهذه العقوبات (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [٤٨] عن كفرهم.
(وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (٤٩))
(وَقالُوا) أي قال القبط لموسى تعظيما له عند مجيء موسى بالآيات عاجزين ذليلين (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) بفتح الهاء وضمها (٤) ، أي العالم الكامل قالوا به استعظاما لعلم السحر (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) أي بحق ما أمرك به ربك إن تدعو لله فتستجاب ليكشف العذاب عمن اهتدى (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) [٤٩] أي مؤمنون بك وموحدون ربك.
(فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠))
(فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ) بدعاء موسى (إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) [٥٠] أي ينقضون عهودهم كفرا.
(وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (٥١))
(وَنادى فِرْعَوْنُ) بنفسه أو أمر بالنداء (فِي قَوْمِهِ) أي في مجامعهم وأسواقهم افتخارا (قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ) أي أنهار النيل ، ومعظمها أربعة نهر الملك ونهر طولون ونهر تنيس ونهر دمياط (تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) الواو للحال ، أي تجري من تحت قصوري وسرري وبين يدي وفي بساتيني (أَفَلا تُبْصِرُونَ) [٥١] عظمتي وفضلي على موسى.
__________________
(١) لعل المؤلف اختصر من البغوي ، ٥ / ١٠٢.
(٢) يعني ، ح و : أي ، ي.
(٣) أخذه المصنف عن الكشاف ، ٥ / ٢٢٧.
(٤) «أيه» : قرأ ابن عامر وصلا بضم الهاء اتباعا لضم الياء ، والباقون بفتحها. البدور الزاهرة ، ٢٩٠.