(كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (٢٨))
(كَذلِكَ) أي تركا كذلك أو الأمر كذلك ، يعني الأمر كما أجر جناهم من تلك النعمة والمسرة والسعة في العيش (وَأَوْرَثْناها) أي جعلنا أموال القبط ميراثا (قَوْماً آخَرِينَ) [٢٨] أي لبني إسرائيل.
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩))
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) أي أهلهما ترحما لهم لكفرهم وهذا تعظيم لمهلكهم أو ما بكت السماء والأرض بعينهما لما روي : أن المؤمن إذا مات بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا (١) ، وهذا ممكن قدرة (وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) [٢٩] أي مؤخرون عن نزول العذاب.
(وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١))
(وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ) [٣٠] أي الشديد أو الهوان وهو قتل الأبناء واستحياء النساء.
قوله (مِنْ فِرْعَوْنَ) بدل من (الْعَذابِ) ، أي من عذاب فرعون (إِنَّهُ كانَ عالِياً) أي متكبرا عاصيا (مِنَ الْمُسْرِفِينَ) [٣١] أي من (٢) المشركين وهو خبر ثان ل (كانَ).
(وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٢) وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣))
(وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ) أي بني إسرائيل (عَلى عِلْمٍ) منا بحالهم التي هذ أحقاء بها يختاروا أو بما يصدر منهم من الفرطات في بعض الأوقات (عَلَى الْعالَمِينَ) [٣٢] أي عالمي زمانهم.
(وَآتَيْناهُمْ) أي أعطيناهم (مِنَ الْآياتِ) أي من العلامات الربانية كفلق البحر والمن والسلوى وغيرها (ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ) [٣٣] أي اختبار ظاهر ، فان الله يختبر بالنعم كاختباره بالنقم.
(إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥))
(إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ) [٣٤] أي إن كفر مكة قالوا جوابا لما (٣) قيل لهم إنكم تموتون ثم تحيون بعد الموت للحساب والجزاء كما تقدمتكم موتة بعدها حيوة (إِنْ هِيَ) أي ما الموتة التي بعدها اليوة (إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) التي تقدمت لا الموتة التي نموتها بعد ثم نحيى (وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) [٣٥] أي مبعوثين بعد الموت.
(فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧))
(فَأْتُوا بِآبائِنا) إحياء (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [٣٦] أنا نبعث بعد الموت ، قالوا ذلك للنبي عليهالسلام وأصحابه ، ثم تهددهم الله باهلاك قوم كانوا أقرب إلى أهل مكة بالاستكبار عن الإيمان فقال (أَهُمْ خَيْرٌ) أي يا محمد أكفار مكة خير ، أي أشد قوة ومنعة (أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) الحميري وهو كان نبيا مبعوثا إليهم أو رجلا صالحا وقومه كافرين (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي قبل قوم تبع عطف على «قَوْمُ تُبَّعٍ» (أَهْلَكْناهُمْ) أي إنا أهلكنا قوم تبع ومن تقدمهم من الكفار المستكبرين عن الإيمان ، وكلهم كانوا أشد منهم قوة وآثارا في الأرض (إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) [٣٧] أي عاصين وجاحدين.
(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٣٨) ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٩))
(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) أي وما بين الجنسين (لاعِبِينَ) [٣٨] أي بلا حكمة حال من فاعل «خلقنا».
__________________
(١) أخذه عن البغوي ، ٥ / ١١٦ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٢١٨.
(٢) من ، وي : ـ ح.
(٣) لما ، وي : مما ، ح.