عرّفهم عجزهم عن الإثبات ، وضعفهم في كل حال ، ثم ذكرهم نسبتهم أنها إلى الطين اللازب (١).
قوله جل ذكره : (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢))
حقيقة التعجب تغير النفس مما لم تجر العادة بحدوث مثله. وتقرأ (٢) (عَجِبْتَ) بالفتح خطابا للرسول صلىاللهعليهوسلم ـ وبالضم فكأن الحقّ يقول ذلك من قبل نفسه بل عجبت ، ويقال ذلك بمعنى إكبار ذلك الشيء ، إما في القدر ، أو الإكثار في الذمّ أو في المدح.
قوله جل ذكره : (وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (١٣))
إذا ذكروا بآياته يعرضون عن الإيمان بها والتفكّر فيها ، ويقولون : ليس هذا الذي أتى به محمد إلا سحرا ظاهرا.
قوله جل ذكره : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ)
قالوا : أئذا متنا ، تفرّقت أجزاؤنا ، وصرنا رميما .. أإنا لمبعوثون؟ أو آباؤنا الأولون يبعثون كذلك؟ قالوه على جهة الاستبعاد ؛ فالمعرفة لهم مفقودة ، والبصائر لهم مسدودة ، وقلوبهم عن التوحيد مصدودة.
(قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ)
قل لهم يا محمد ؛ نعم ، وعلى وصف الصغر ما يبعثكم ، وبزجرة واحدة يحشركم ، بعد أن يقيم القيامة على جميعكم.
__________________
(١) لازب أي لاصق لصق بعضه ببعض ، أو لازق يلتزق بما أصابه ، وقال مجاهد والضحاك هو المنتن (القرطبي) ح ١٥ ص ٦٨ ، ٦٩.
(٢) بالفتح قراءة أهل المدينة وأبى عمرو وعاصم. وبالضم قرامة عبد الله بن مسعود ، والكوفين إلا عاصما. والذين ينكرون الضم يرون أن الله لا يعجب من شىء ، ولكن تخريج القشيري لذلك يكاد يكون سائغا ، وقد اختاره بعض الأئمة كالبيهقى.