ومدينتهم بعلبك .. أنذر قومه فكذّبوه ، ووعظهم فما صدّقوه ، فأهلك قومه.
قوله جل ذكره : (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣))
مضت قصته وكيف نجّى أهله إلا امرأته التي شاركتهم في عصيانهم ، فحقّ العذاب عليها مثلما عليهم (١).
قوله جل ذكره : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩))
فكان في أول أمره يطلب الاستعفاء من النبوة ، ولكن لم يعف ، ثم استقبله ما استقبله ، فلم يلبث حتى رأى نفسه في بطن الحوت في الظلمة : ـ
(فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ)
أي بما يلام عليه ، والحقّ ـ سبحانه ـ منزّه عن الحيف في حكمه ؛ إذ الخلق خلقه ، ثم الله راعى حقّ تعبّده ، وحفظ ذمام ما سلف له في أداء حقّه فقال : ـ
(فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)
فإن كرم العهد فينا من الإيمان ، وهو منّا من جملة الإحسان ، «فالمؤمن قد أخذ من الله خلقا حسنا» ـ بذلك ورد الخبر.
(فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ)
(سَقِيمٌ) : فى ضعف من الحال لما أثّر من كونه قضى وقتا في بطن الحوت.
(وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ)
لتظلّه ، فإنه كان في الصحراء وشماع الشمس كان يضرّه ، وقيّض له الله ظبية ذات ولد كانت تجيء فيرضع من لبنها ، فكأنّ الحقّ أعاده إلى حال الطفولية. ثم إنه رحمه ، ورجع إلى قومه ، فأكرموه وآمنوا به ، وكان الله قد كشف عنهم العذاب ، لأنهم حينما خرج يونس من بينهم ندموا وتضرّعوا إلى الله لمّا رأوا أوائل العذاب قد أظلّتهم ،
__________________
(١) تلاحظ أن القشيري يمر سريعا إزاء قصص الأنبياء هنا لأنه توقف طويلا عند كل منها في مواضع سبقت.