حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦))
المشركون اتخذوا الشياطين أولياء من دونه ، وذلك بموافقتهم لها فيما توسوس به إليهم. وليس يخفى على الله أمرهم ، وسيعذبهم بما يستوجبونه. ولست ـ يا محمد ـ بمسلّط عليهم.
وفي الإشارة : كلّ من يعمل بمتابعة هواه ويترك لله حدّا أو ينقض له عهدا فهو يتخذ الشياطين أولياء ، والله يعلمه ، ولا يخفى عليه أمره ، وعلى الله حسابه .. ثم إن شاء عذّبه ، وإن شاء غفر له.
قوله جل ذكره : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧))
أنزلنا عليك قرآنا يتلى بلغة العرب لتخوّف به أهل مكة والذين حولها. وجميع العالم محدق بالكعبة ومكة لأنها سرّة الأرض.
(وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) : تنذرهم بيوم القيامة. والإنذار الإعلام بموضع المخافة. ويوم الجمع ـ وهو اليوم الذي يجمع فيه الخلق كلّهم ، ويجمع بين المرء وعمله ، وبين الجسد وروحه (١) ، وبين المرء وشكله في الخير والشرّ ـ لا شكّ في كونه. وفي ذلك اليوم فريق يبعث إلى الجنة وفريق يحصل في السعير. وكما أنهم اليوم فريقان ؛ فريق في راحة الطاعات وحلاوة العبادات ، وفريق في ظلمة الشّرك وعقوبة الجحد .. فكذلك غدا ؛ فريق هم أهل اللقاء ، وفريق هم أهل الشقاء والبلاء.
قوله جل ذكره : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٨))
إن أراد أن يجمعهم كلّهم على الهدى والرشاد لم يكن مانع .. وإذا لا زين لهم. ولو شاء
__________________
(١) من هذا نفهم أن القشيري يؤمن بالبعث الكامل أي بعودة الجسد والروح معا إلى الحياة مرة أخرى.