(أي إذا دعوه استجاب لهم) (١) بعظيم الثواب في الآخرة.
(وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) : يقول المفسرون من أهل السّنّة في هذه الزيادة إنها الرؤية.
ذكر التوبة وأهلها ، وذكر العاصين بوصفهم ، ثم ذكر المطيعين الذين آمنوا وعملوا الصالحات .. فلمّا وصل إلى الزيادة ـ التي هي الرؤية ـ قال : (وَيَزِيدُهُمْ) على الجمع ؛ والكناية (٢) إذا تلمت مذكورات رجعت إليها جميعا ؛ فيكون المعنى أن الطاعات في مقابلها الدرجات ، وتكون بمقدارها في الزيادة والنقصان ، وأمّا الرؤية فسبيلها الزيادة والفضل .. والفضل ليس فيه تمييز.
ويقال : لمّا ذكر أنّ التائبين تقبل توبتهم ، ومن لم يتب غفر زلّته (٣) ، وأنّ المطيعين لهم الجنة .. فلربما خطر ببال أحد : وإذا فهذه النار لمن هى؟! فقال جل ذكره :
(وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ).
فالعصاة من المؤمنين لهم عذاب .. أمّا الكافرون فلهم عذاب شديد ؛ لأنّ دليل الخطاب يقتضى هذا وذاك ؛ يقتضى أن المؤمنين لهم عذاب .. ولكن ليس بشديد ، وأمّا عذاب الكافرين فشديد.
ويقال : إن لم يتب العبد خوفا من النار ، ولا طمعا في الجنة لكان من حقّه أن يتوب ليقبل الحقّ ـ سبحانه.
ويقال إن العاصي يكون أبدا منكسر القلب ، فإذا علم أن الله يقبل الطاعة من المطيعين يتمنى أن ليت له طاعة ميسّرة ليقبلها ، فيقول الحقّ : عبدى ، إن لم تكن لك طاعة تصلح للقبول فلك توبة إن أتيت بها تصلح لقبولها.
قوله جل ذكره : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ
__________________
(١) ما بين القوسين زيادة من عندنا وجدناها ضرورية لتوضيح العبارة.
(٢) يقصد القشيري بالكناية الضمير فى «ويزيدهم».
(٣) لأنه ربط ذلك بمشيئته ـ سبحانه ـ فقال «ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء».