ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧))
هذا الخطاب في الظاهر يشبه الاعتذار في تخاطب الآدميين. والمعنى : أننى لم أبسط عليك أيها الفقير في الدنيا لما كان لى من العلم أننى لو قسمت عليك الدنيا لطغيت ، ولسعيت فى الأرض بالفساد.
ويقال : قوله : (وَلكِنْ ..) : لكن كلمة استدراك ، فالمعنى : لم أوسّع عليك الرزق بمقدار ما تريد ؛ ولم أمنع عنك (الكلّ) (١) ؛ لأنّ أنزّل بقدر ما أشاء.
قوله جل ذكره : (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨))
الله ـ سبحانه محيى القلوب ؛ فكما أنه (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) ، فبعدما أصابت الأرض جدوبة ، وأبطأ نزول الغيث ، وقنط الناس من مجىء المطر ، وأشرف الوقت على حدّ الفوات ينزّل الله بفضله الغيث ، ويحيى الأرض بعد قنوط أهلها .. فكذلك العبد ؛ إذا ذبل غصن وقته ، وتكدّر صفو ودّه ، (وكسفت) (٢) شمس أنسه ، (وبعد) (٣) عن الحضرة وساحات القرب عهده فلربما ينظر إليه الحقّ برحمته ؛ فينزل على سرّه أمطار الرحمة ، ويعود عوده طريّا ، وينبت في مشاهد أنسه وردا جنيّا .. وأنشدوا :
إن راعنى منك الصدود |
|
فلعلّ أيامى تعود |
ولعلّ عهدك باللّوى |
|
يحيا فقد تحيا العهود |
والغصن ييبس تارة |
|
وتراه مخضرّا يميد |
قوله جل ذكره : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
__________________
(١) هكذا في م ، وهي في ص (الكيل) وهي خطأ في النسخ كما هو واضح من السياق.
(٢) هكذا في ص ، وهي في م (كشفت) بالشين وهي خطأ في النسخ كما هو واضح.
(٣) سقطت في ص وموجودة في م والسياق يتطلبها.