أمر الله العباد برعاية حقّ الوالدين تنبيها على عظم حق التربية. وإذا كانت تربية الوالدين ـ وهي إن حسنت ـ فالى حدّ يوجب رعايتهما فما الظنّ برعاية حق الله تعالى ، والإحسان العميم بالعبد والامتنان القديم الذي خصّه به من قبل ومن بعد؟!
قوله جل ذكره : (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
إن جاهداك على أن تشرك بالله فإياك أن تطيعهما ، ولكن ردّ بلطف ، وخالف برفق.
قوله جل ذكره : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (٩))
أي لنلحقنهم بالذين أصلحوا من قبلهم ، فإن المعهود من سنّتنا إلحاق الشكل بشكله ، وإجراء المثل على حكم مثله.
قوله جل ذكره : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (١٠))
المحن تظهر جواهر الرجال ، وهي تدلّ على قيمهم وأقدارهم ؛ فقدر كلّ أحد وقيمته يظهر عند محنته ؛ فمن كانت محنته من فوات الدنيا ونقصان نصيبه منها ، أو كانت محنته بموت قريب من الناس ، أو فقد حبيب من الخلق فحقير قدره ، وكثير في الناس مثله. ومن كانت محنته في الله ولله فعزيز قدره ، وقليل من كان مثله ، فهم في العدد قليل ولكن في القدر والخطر جليل : وبقدر الوقوف في البلاء تظهر جواهر الرجال ، وتصفو عن الخبث نفوسهم.
والمؤمن من يكفّ الأذى ، ويتحمل من الخلق الأذى ، ويتشرب ولا يترشح بغير