أحدهما : أن يكون تقديره ، كسب ذلك الفعل لهم أنّهم فى الآخرة هم الأخسرون ، أى ، كسب ذلك الفعل الخسران فى الآخرة. وهذا قول سيبويه.
والثانى : أن يكون التقدير ، لا صدّ ولا منع عن أنهم فى الآخرة. فحذف حرف الخفض فانتصب بتقدير حذف حرف الخفض ، وهذا قول الكسائى.
قوله تعالى : (ما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ) (٢٧).
يقرأ : بادئ بالهمز وغير الهمز.
فبادئ بالهمز اسم فاعل من بدأ يبدأ ، أى أوّل الرأى.
وبادى بغير همز ، اسم فاعل من بدا يبدو إذا ظهر ، أى ، ظاهر الرّأى.
ونراك ، أصله نرأيك فتحرّكت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصار نراك ، إلا أنّه حذفت الهمزة تخفيفا.
والكاف ، فى موضع نصب لأنّها مفعول أوّل.
واتّبعك وفاعله وهو (الّذين هم أراذلنا) فى موضع نصب لأنّه مفعول ثان لنراك ، إذا كان من رؤية القلب ، وفى موضع الحال إذا كان من رؤية العين.
وبادئ الرّأى ، منصوب على الظّرف ، أو فى بادئ الرأى ، والعامل فيه نراك.
وإنما جاز أن يعمل ما قبل (إلّا) فى الظرف بعدها مع تمام الكلام ، وإن كان لا يجوز فى قولك : ما أعطيت أحدا إلا زيدا درهما ، لأنّ (إلّا) لا تعدّى الفعل إلا إلى مفعول واحد ، لأن الظروف يتسع فيها مالا يتسع فى غيرها ، ولهذا يكتفى فيها برائحة الفعل بخلاف غيرها من المفعولات.
قوله تعالى : (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) (٢٨).