وصار متقدما في لغاتها ومبهماتها وضبط رجالها ، لا يشذ عنه من ذلك الا النادر.
ولما كان شيخنا بحلب لازمه واغتبط شيخنا به وأحبه لذكائه وخفة روحه ووصفه بالإمام موفق الدين ، ومرة « بالفاضل البارع المحدث الأصيل الباهر الذي ضاهى كنيه في صدق اللهجة ، الماهر الذي ناجى سميه ففداه بالمهجة ، الأخير الذي فاق الاول في البصارة والنضارة والبهجة ، أمتع الله المسلمين ببقائه. وأذن له في تدريس الحديث وافادته في حياة والده.
كان خيرا شهما مبجلا في ناحيته ، منعزلا عن بني الدنيا ، قانعا باليسير محبا للانجماع ، كثير التواضع والاستيناس بالغرباء والإكرام لهم ، شديد التخيل ، طارحا للتكلف. ذا فضيلة تامة وذكاء مفرط. وقد تصدى للحديث والاقراء وانتفع به جماعة من أهل بلده والقادمين عليها ، بل وكتب مع القدماء في الاستدعاءات من حياة أبيه وهلم جرا.
وترجمه ابن فهد وغيره من أصحابنا ، وكذا وصفه ابن أبي غديبة في أبيه بالإمام العلامة ، وسمى بعض تصانيفه ».
قال الحافظ السخاوي : « حديث اختلاف أمتي رحمة. البيهقي في المدخل من حديث سليمان بن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لاحد في تركه ، فان لم تكن في كتاب الله فسنة مني ماضية ، فان لم تكن سنة مني فما قال أصحابي ، ان أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيما أخذتم به اهتديتم ، واختلاف أمتي رحمة ، ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني والديلمي في مسنده : بلفظ سواء.
وجويبر ضعيف ، والضحاك عن ابن عباس منقطع » (١).
__________________
(١) المقاصد الحسنة ٢٦ ـ ٢٧.