ماهر ، وكان يرشد الطلبة للقراءة عليه حين ترك هو الاقراء وكذلك المستفتين ، ودرس وأفتى من سنة ست وأربعين وثمانمائة ....
ولم يزل حاله في ازدياد وعلمه في اجتهاد ، فصار نادرة وقته وأعجوبة زمانه اماما في العلوم ، محققا لما ينقله وصار قدوة بيت المقدس ومفتيه وعين أعيان المعيدين بالمدرسة الصلاحية .. ووقع له ما لم يقع لغيره ممن تقدمه من العلماء والأكابر ، وبقي صدر المجالس وطراز المحافل ، المرجع في القول اليه والتعويل في الأمور كلها عليه ، وقلده أهل المذاهب كلها ، وقبلت فتواه على مذهبه ومذهب غيره ، ووردت الفتاوى اليه من مصر والشام وحلب وغيرها ، وبعد صيته وانتشرت مصنفاته في سائر الأقطار ، وصار حجة بين الأنام في سائر ممالك الإسلام ....
وأما سمته وهيبته فمن العجائب في الابهة والنورانية ، رؤيته تذكر السلف الصالح ، ومن رآه علم أنه من العلماء العاملين برؤية شكله وان لم يكن يعرفه ، وأما خطه وعبارته في الفتوى فنهاية في الحسن.
وبالجملة فمحاسنه أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر ، وهو أعظم من أن ينبه مثلي على فضله ، ولو ذكرت حقه في الترجمة لطال الفصل ، فان مناقبه وذكر مشايخه يحتمل الافراد بالتأليف ، والمراد هنا الاختصار ... » (١). وكذا ترجم له الشوكاني (٢).
قال الحافظ جلال الدين السيوطي في ( إتمام الدراية ) : « وليس قول صحابي حجة على غيره نعم لحديث : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وأجيب بضعفه ».
__________________
(١) الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل ٢ / ٢٨٨.
(٢) البدر الطالع ٢ / ٢٤٣ ـ ٢٤٤.