ـ ولازمه ( يعني شيخه وهو ابن حجر ) في أشياء رواية ودراية وسماعا وقراءة ـ في آخرين بالقاهرة وببلده ممن أخذ عنهم العلم حتى تميز ، واذن له كلهم أو جلهم في الاقراء وعظمه جدا ، منهم ابن الهمام وعبد السلام وشيخنا حيث قال : انه شارك في المباحث الدالة على الاستعداد ، وتأهل أن يفتي بما يعلمه ويتحققه من مذهب الامام الشافعي من أراد ، ويفيد في العلوم الحديثية من المتن والاسناد علما بأهليته لذلك وتولجه في مضائق تلك المسالك.
وترجم له البقاعي ووصفه بالذهن الثاقب والحافظة الضابطة والقريحة الوقادة والفكر القويم والنظر المستقيم ، وسرعة الفهم وبديع الانتقال وكمال المروة ، مع عقل وافر وأدب ظاهر وخفة روح ومجد على سمته يلوح ، وانه شديد الانقباض عن الناس غير أصحابه ، قال : وهو الآن صديقي ، وبيننا من المودة ما يقصر الوصف فيه.
ودرس وأفتى وحدث ونظم ونثر وصنف ، وبالجملة فهو علامة متين التحقيق حسن الفكر والتأمل فيما ينظره ويقرب عهده ، وكتابه أمتن من تقريره ورويته أحسن من بديهته ، مع وضاءته وتأنيه وضبطه وقلة كلامه وعدم ذكره للناس » (١).
وقال القاضي مجير الدين العليمي الحنبلي ـ وهو من تلامذته ـ بترجمته : « هو شيخ الإسلام ، ملك العلماء الاعلام ، حافظ العصر والزمان ، بركة الامة ، علامة الأئمة ، شيخنا الامام الحبر الهمام العالم العلامة الرحالة ، القدوة المجتهد العمدة ، مولده في ليلة يسفر صباحها عن يوم السبت خامس شهر ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بمدينة القدس ونشأ بها في عفة وصيانة وتقوى وديانة ، لم يعلم له صبوة ولا ارتكاب محظور ... وجد ودأب ولازم الاشتغال والاشغال الى أن برع وتميز وأشير اليه في حياة شيخه الزين
__________________
(١) الضوء اللامع ٩ / ٦٤ ـ ٦٧.