وكان قد تعود الكذب ، حتى أنه كذب في خطبة له على رءوس الاشهاد ، الأمر الذي اضطر بعضهم الى تكذيبه علانية فيما رواه البخاري في ( التاريخ الصغير ) وأحمد في ( المسند ) والطبري في ( التاريخ ).
قال الطبري : « لما اشتعل الوجع قام ابو عبيدة في الناس خطيبا فقال : ايها الناس ان هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم محمد صلّى الله عليه وسلّم وموت الصالحين قبلكم ، وان أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له منه حظه ، فطعن فمات.
واستخلف على الناس معاذ بن جبل قال : فقام خطيبا بعده فقال : اما أيها الناس ان هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم ، وان معاذا يسأل الله أن يقسم لان معاذ منه حظهم ، فطعن ابنه عبد الرحمن بن معاذ فمات ، ثم قام فدعا به لنفسه فطعن في راحته ، فلقد رأيته ينظر إليها ثم يقبل ظهر كفه ثم يقول : ما أحب ان لي بما فيك شيئا من الدنيا.
فلما مات استخلف [ على ] الناس عمرو بن العاصي ، فقام خطيبا في الناس فقال : ايها الناس ان هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار فتجبّلوا منه في الجبال. فقال أبو واثلة الهذلي : كذبت والله لقد صحبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنت شر من حماري هذا ، قال : والله ما أرد عليك ما تقول وأيم الله لا نقيم عليه » (١).
ولقد كان معاوية بن أبي سفيان يحمل أصحابه الذين باعوه دينهم بدنياه على الكذب والافتراء ووضع الأحاديث ، وقد كتب نسخة الى عماله بعد ما يسمى بـ « عام الجماعة » يأمرهم بقتل شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام
__________________
(١) تاريخ الطبري ٣ / ١٦٢ ـ ١٦٣.