لقد كان في الاصحاب من يستعمل القياس ويتبع في ذلك سبيل أول من قاس ... ومن كان مخطئا بيقين في المنصوصات ومستعملا للقياس في غيرها لا يستحق ان يكون نجم هداية.
لقد كان في الاصحاب ـ ومنهم المشايخ الثلاثة ـ من يرجع في الحوادث الواقعة الى غيره ملتمسا الحكم الشرعي فيها ، بل كان فيهم من يعترف بأن « كل الناس أفقه منه حتى المخدرات في الحجال ».
ومن المستحيل ان ينصب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هؤلاء الجهال مراجع للامة في الاحكام وغيرها ...
بل كان فيهم من يحكم ـ لفرط جهله ـ احكاما مختلفة متناقضة في الواقعة الواحدة ...
بل كان فيهم من لم يعرف معنى « الكلالة » رغم وجودها في القرآن الكريم وتفسير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لها ، وقد روي عن أبي بكر انه قال : « انى قد رأيت في الكلالة رأيا ، فان كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له وان يكن خطأ فمني والشيطان ، والله بريء منه » (١).
وقد روي في هذا المقام عن عمر بن الخطاب عجائب ، رواها الطبري في تفسيره ، وقد ذكرت بالتفصيل في ( تشييد المطاعن ).
والأعجب أنه كان الخليفة متى قرأ قوله تعالى : ( يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ* تَضِلُّوا ) قال : « اللهم من تبينت له الكلالة فلم تتبين لي ».
ولقد كان يقول « ما أراني أعلمها أبدا ، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قال » يشير الى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لحفصة : « ما أرى أباك يعلمها
__________________
(١) راجع تفسير الطبري ٤ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤.