فيفتتني ، فتبين بهذا أن فتنة السوط أشد من فتنة السيف » (١).
أقول : ولا يخفى على النبيه ما في هذا الكلام من فوائد ، ولا سيما قوله : « وفيه تبيين أنه لا بأس باستعمال التقية ... ».
وأما ما ذكره للذب عن معاوية فواضح الهوان.
لقد كان في الاصحاب من يرد الحكم المنصوص في الكتاب ، ومن كان هذا دأبه لا يكون الاقتداء به موجبا للهداية ، ولا يجوز أن ترجع اليه الامة في المنصوصات وغيرها ... قال الغزالي في مبحث حجية خبر الواحد : « ثم اعلم أن المخالف في المسألة له شبهتان ، الشبهة الاولى قولهم : لا مستند في اثبات خبر الواحد الا الإجماع فكيف يدعى ذلك وما من أحد من الصحابة الاّ وقد رد خبر الواحد. ثم قال بعد ان ذكر طرفا من شواهد ذلك : لكنا نقول في الجواب عما سألوا عنه الذي رويناه قاطع في عملهم وما ذكرتموه رد لاسباب عارضة تقتضي الرد ولا تدل على بطلان الأصل ، كما ان ردهم بعض نصوص القرآن وتركهم بعض أنواع القياس ورد القاضي بعض انواع الشهادات لا يدل على بطلان الأصل » (٢).
بل لقد ترك الاصحاب كتاب الله على عهد عمر بن الخطاب حتى ذمهم عليه ، فقد قال الحافظ ابن حزم : « أخبرني أحمد بن عمر العذري ، ثنا أحمد بن محمد بن عيسى البلوي غندر ، ثنا خلف بن قاسم ثنا ابو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي ، ثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النظري الدمشقي ثنا أبو مسهر ثنا سعيد بن عبد العزيز عن اسماعيل بن عبيد الله عن السائب بن يزيد بن أخت نمر : انه سمع عمر بن الخطاب يقول :
__________________
(١) المبسوط فقه الحنفية ـ كتاب الإكراه : ٢٤ / ٤٦.
(٢) المستصفى ١ / ١٣٥ ـ ١٣٦.