هذا قول معاوية رضياللهعنه مقدم على قوله ، وقد كانوا في المجتهدات يلحق بعضهم الوعيد بالبعض ، كما قال علي رضياللهعنه : من أراد أن يقتحم جراثيم جهنم فليقل في الجد ـ يعني بقول زيد رضياللهعنه ـ.
وانما قلنا هذا لأنه لا يظن بمسروق رحمهالله انه قال في معاوية رضياللهعنه ما قال عن اعتقاد ، وقد كان هو من كبار الصحابة رضي الله عنهم وكان كاتب الوحي وكان امير المؤمنين ، وقد أخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالملك بعده ، فقال له عليهالسلام يوما : إذا ملكت أمر أمتي فأحسن إليهم ، الا أن نوبته كانت بعد انتهاء نوبة علي رضياللهعنه ومضي مدة الخلافة ، فكان مخطئا في مزاحمة علي رضياللهعنه تاركا لما هو واجب عليه من الانقياد له ، لا يجوز أن يقال فيه أكثر من هذا.
ويحكى أن أبا بكر محمد بن الفضل رحمهالله كان ينال منه في الابتداء ، فرأى في منامه كأن شعرة تدلت من لسانه الى موضع قدمه فهو يطؤها ويتألم من ذلك ، ويقطر الدم من لسانه ، فسأل المعبر عن ذلك فقال : انك تنال من واحد من كبار الصحابة رضياللهعنه فإياك ثم إياك.
وقد قيل في تأويل الحديث أيضا : ان تلك التماثيل كانت صغارا لا تبدو للناظر من بعد ، ولا بأس باتخاذ مثل ذلك على ما روي انه وجد خاتم دانيال عليهالسلام في زمن عمر رضياللهعنه وكان عليه نقش رجل بين أسدين يلحسانه وكان على خاتم أبي هريرة ذبابتان ، فعرفنا أنه لا بأس باتخاذ ما صغر من ذلك.
ولكن مسروقا رحمهالله كان يبالغ في الاحتياط ، فلا يجوز اتخاذ شيء من ذلك ولا بيعه ، ثم كان تغريق ذلك من الأمر بالمعروف عنده ، وقد ترك ذلك مخافة على نفسه ، وفيه تبيين أنه لا بأس باستعمال التقية وأنه يرخص له في ترك بعض ما هو فرض عند خوف التلف على نفسه ، ومقصوده من إيراد الحديث أن يبين أن التعذيب بالسوط يتحقق فيه الإكراه كما يتحقق في القتل ، لأنه قال : لو علمت أنه يقتلني لغرقتها ولكن أخاف أن يعذبني