ان حديثكم شر الحديث : [ و ] ان كلامكم شر الكلام ، فإنكم قد حدّثتم الناس حتى قيل : قال فلان ، وقال فلان ، ويترك كتاب الله ، من كان فيكم [ منكم ] قائما فليقم بكتاب الله والاّ فليجلس. فهذا قول عمر لا فضل قرن على وجه الأرض فكيف لو أدرك ما نحن فيه من ترك القرآن وكلام محمد صلّى الله عليه وسلّم والإقبال على ما قال مالك وأبو حنيفة والشافعي؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وانّا لله وانّا اليه راجعون » (١).
وقد رواه ابن القيم عن أبي زرعة كذلك ، وعلق عليه بمثل كلام ابن حزم المذكور (٢).
عن ابن عباس قال : « ما رأيت قوما كانوا خيرا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ما سألوه الاّ عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض كلهن في القرآن ، منهن : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ ) و ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ).
قال : ما كانوا يسألون الاّ عما ينفعهم » (٣).
أقول : وهذا يكشف عن عدم عنايتهم بالاحكام الشرعية ، والا لسألوه صلّى الله عليه وسلّم منتهزين فرصة وجوده بين أظهرهم. هذا شأن هؤلاء القوم ، ومعه كيف يقال بأنهم متبعون فيما كان غير منصوص في الكتاب والسنة؟
لقد خفي على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أوضح أموره وهم
__________________
(١) الاحكام في أصول الاحكام ٦ / ٩٧.
(٢) اعلام الموقعين ٢ / ١٧٦.
(٣) الإنصاف في بيان سبب الاختلاف : ١٣.