جعله الله فيهم ، فلما رأى الرجل يحالفه قال لبعض أهله : اركب فانظر أحق ما يقول؟ فركب معه فانطلقا وأنا انظر إليهما حتى وقفا في جانب الخيل قليلا ثم رجعا إلينا ، فقال الزبير لصاحبه ما عندك؟ قال : صدق الرجل. قال الزبير : يا جدع أنفاه ، أو يا قطع ظهراه. قال محمد بن عمارة قال عبيد الله قال فضيل : لا ادري أيهما قال. قال : ثم أخذه أفكل فجعل السلاح ينتقض.
قال : فقال جون : ثكلتني أمي ، هذا الذي كنت أريد ان أموت معه أو اعيش معه ، والذي نفسي بيده ما أخذ هذا ما ارى الا لشيء قد سمعه أو رآه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فلما تشاغل الناس انصرف فجلس على دابته ، ثم ذهب ، فانصرف جون فجلس على دابته فلحق بالأحنف ، ثم جاء فارسان حتى أتيا الأحنف وأصحابه فنزلا فأتيا فأكبا عليه فناجياه ساعة ثم انصرفا ، ثم جاء عمرو بن جرموز الى الأحنف فقال : أدركته في وادي السباع فقتلته ، فكان يقول : والذي نفسي بيده ان صاحب الزبير الأحنف » (١).
ويدل الحديث على ضلال عائشة بنت أبي بكر ، قال الطبري : « كتب الي السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة قالا : أمر علي نفرا بحمل الهودج من بين القتلى ، وقد كان القعقاع وزفر بن الحارث انزلاه عن ظهر البعير ، فوضعناه الى جنب البعير فأقبل محمد بن أبي بكر اليه ومعه نفر فادخل يده فيه ، فقالت : من هذا؟ قال : أخوك البر ، قالت : عقوق ، قال عمار بن ياسر : كيف رأيت ضرب بنيك اليوم يا أمه؟ قالت : من أنت؟ قال : انا ابنك البار عمار ، قالت : لست لك بأم. قال : بلي وان كرهت ، قالت :
فخرتم أن ظفرتم وأتيتم مثل ما نقمتم ، هيهات والله لن يظفر من كان هذا
__________________
(١) الطبري ٣ / ٥٢٠.