أنه كان مهاجرا لعمار بن ياسر ، وقد روى ابن قتيبة وابن عبد ربه انه : « قال له سعد : ان كنا لنعدك من أفاضل أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم حتى إذا لم يبق من عمرك الا ـ ظأم الحمار أخرجت ربقة الإسلام من عنقك ، ثم قال له : أيما أحب إليك مودة على دخل أو مصارمة جميلة؟ بل مصارمة جميلة ، فقال : عليّ ان لا أكلمك أبدا » (١).
ان هذا الحديث دليل ساطع على ضلال المغيرة بن شعبة ، فقد روى ابن قتيبة ما هذا نصه : « ثم دخل المغيرة بن شعبة ، فقال له علي : هل لك يا مغيرة في الله؟ قال : فأين هو يا أمير المؤمنين؟ قال : تأخذ سيفك فتدخل معنا في هذا الأمر فتدرك من سبقك وتسبق من معك ، فاني أرى أمورا لا بد للسيوف ان تشحذ لها وتقطف الرءوس بها.
فقال المغيرة : فاني والله يا أمير المؤمنين ما رأيت قاتل عثمان مصيبا ولا قتله صوابا ، وانها لمظلمة تتلوها ظلمات فأربد يا أمير المؤمنين ان أذنت لي ان أضع سيفي وأنا في بيتي حتى تنجلي الظلمة ويطلع قمرها فنسري مبصرين نقفوا آثار المهتدين ونتقي سبيل الجائرين ، قال علي : قد أذنت لك فكن من أمرك على ما بدا لك.
فقام عمار فقال : معاذ الله يا مغيرة تقعد أعمى بعد ان كنت بصيرا يغلبك من غلبته ويسبقك من سبقته ، انظر ما ترى وتفعل ، وأما أنا فلا أكون الا في الرعيل الاول.
فقال له المغيرة : يا ابا اليقظان إياك أن تكون كقاطع السلسلة فر من الضحل فوقع في الرمضاء.
فقال علي لعمار : دعه فانه لن يأخذ من الآخرة الا ما خالطته الدنيا ،
__________________
(١) المعارف ٥٥٠ ، العقد الفريد ٢ / ١٨٨.