ورواة فضائله ، وبلعنه على المنابر ووضع الأحاديث في ذمه والثناء على مناوئيه ... ذكر ذلك كافة المؤرخين.
على ان معاوية نفسه كان يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد أخرج أحمد وأبو داود باسنادهما عن أبي شيخ الهنائي ـ واللفظ للأول : « ان معاوية قال لنفر من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم : أتعلمون ان رسول الله نهى عن لباس الذهب الا مقطعا؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : وتعلمون انه نهى عن جلود النمور أن يركب عليها؟ قالوا : اللهم نعم ، قال وتعلمون انه نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : وتعلمون انه نهى عن المتعة ـ يعني متعة الحج ـ؟ قالوا : اللهم لا » (١).
وكذب معاوية على قيس بن سعد ، روى ذلك المؤرخون كالطبري وابن الأثير وابن تغرى بردي ، قال ابن الأثير :
« فلما قرأ قيس كتابه ورأى انه لا يفيد معه المدافعة والمماطلة أظهر له مات في نفسه ، فكتب اليه : أما بعد فالعجب من اغترارك بي وطمعك في واستسقاطك إياي ، أتسومني الخروج عن طاعة أولى الناس بالامارة ، وأقولهم بالحق ، وأهداهم سبيلا ، وأقربهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسيلة ، وتأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر ، وأقولهم بالزور ، وأضلهم سبيلا ، وأبعدهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسيلة ، ولد ضالين مضلين ، طاغوت من طواغيت إبليس؟!
وأمّا قولك « اني مالئ عليك مصر خيلا ورجالا » فو الله ان لم أشغلك بنفسك حتى تكون أهم إليك انك لذو جد. والسلام.
فلما رأى معاوية كتابه أيس منه وثقل عليه مكانه ولم تنجع حيلة فيه ، فكاده من قبل علي فقال لأهل الشام : لا تسبوا قيس بن سعد ولا تدعوا الى غزوة فانه لنا شيعة ، قد تأتينا كتبه ونصيحته سرا ، ألا ترون ما يفعل
__________________
(١) المسند ٤ / ٩٥.