أقول :
هذه دعوى كاذبة أخرى ، فقد وقفت على نصوص كلمات أهل العربية الدالة على أنّ ( مفعلا ) يجيء بمعنى ( أفعل ) حيث فسّروا ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) وبذلك ثبت مجيء ( مفعل ) بمعنى ( أفعل ) في خصوص هذه المادّة.
وكم فرق بين هذا الكلام من ( الدهلوي ) وكلام ( الكابلي ) في كتابه ( الصواقع ) الذي انتحله ( الدهلوي ). فقد قال الكابلي ما نصّه : « وهو باطل لأن مولى لم يجيء بمعنى الأولى ، ولم يصرّح أحد من أهل العربية أنّ مفعلا جاء بمعنى أفعل ».
فالكابلي لم يدّع أنّ أهل العربية قد نصّوا على أن مفعلا ما جاء بمعنى أفعل في مادّة مطلقا فكيف هذه المادّة بالخصوص! وهذا مما يوضح أنّ ما نسبه ( الدهلوي ) إلى أهل العربية ليس إلاّ كذبا مفترى.
هذا ، والجدير بالذكر أنّ الفخر الرازي قد سعى سعيا حثيثا وبذل جهدا كثيرا في إنكار مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) ، وقد ذكر ( الدهلوي ) خلاصة كلام الرازي مع إسقاط الموارد التي اعترف فيها الرازي بالحق والحقيقة ، مثل تفسير الزجاج والأخفش والرّماني لفظ ( المولى ) بـ ( الأولى ) ، والاستشهاد بشعر لبيد ، وتصريحه بحكم ابن الأنباري بأنّ ( المولى ) هو ( الأولى ). لكنه ـ أي ( الدهلوي ) ـ أضاف إلى كلام الرازي أكاذيب وافتراءات لم يتفوّه بها الرازي.
فمن تلك الأكاذيب (١) قوله بأنّ أهل العربية قاطبة ينكرون مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ). فإنّ هذا غير موجود في كلام الرازي ، بل ظاهر كلامه تكذيب هذه الدعوى ، لأنه تارة ينقل تفسير ( المولى ) بـ ( الأولى ) والاستشهاد بشعر لبيد عن أبي عبيدة والأخفش والزجّاج والرّماني ، وأخرى يصرّح بحكم أبي عبيدة وابن الأنباري بأن ( المولى ) هو ( الأولى ).