وبالجملة ، لا يليق بمن يكون ملقبا بإمام الأشاعرة أن يدّعي أمرا خلافا للواقع ترويجا لمذهبه ».
لقد تسالم المحققون من العلماء على أنه لا يجري القياس في اللغة ، وذلك غير خاف على من نظر في كتبهم ووقف على كلماتهم ، وقال السيوطي : « قال الكيا الهراسي في تعليقه : الذي استقر عليه آراء المحققين من الأصوليين أن اللغة لا تثبت قياسا ولا يجري القياس فيها » (١).
ولو فرضنا جريان القياس في اللغة ، فإنّ غاية ما يفيده القياس هو الظن ، لكن مفاد نصوص الأساطين المثبتين لمجيء « المولى » بمعنى « الأولى » هو القطع ، ولا يعارض الظن القطع قطعا.
إن حاصل هذا النقض المردود والشبهة المدحوضة هو نفي مجيء « المولى » بمعنى « الأولى » ، وهذه شهادة على النفي ، وقد نصّ الرازي نفسه أيضا في مثل هذا المقام على أن الشهادة على النفي غير مقبولة. قال الرازي : « عابوا عليه ـ أي على الشافعي ـ قوله الباء في قوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) تفيد التبعيض ، ونقلوا عن أئمة اللغة أنهم قالوا لا فرق بين : وامسحوا برؤسكم ، وبين قوله : وامسحوا رؤسكم. والجواب : قول من قال أنه ليس في اللغة أن الباء للتبعيض شهادة على النفي فلا تقبل ... » (٢).
__________________
(١) المزهر ١ / ٣٧.
(٢) مناقب الشافعي.