ذكر بجواب الاستدلال بجملة « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم » بأنّ « الأولى » هنا مشتقة من « الولاية » بمعنى المحبة ، يعني : ألست أحب إلى المؤمنين من أنفسهم ... فنقول : إن معنى هذا الكلام كون « الأولى » مرادفا « للأحب » ، مع أن استعمال اللفظتين ليس واحدا ، لأن صلة « أولى » هي « الباء » كما في هذا الكلام النبوي في هذا الحديث الشريف ، وصلة « أحب » هي « إلى » كما قال ( الدهلوي ) نفسه.
فلو كان من اللازم اتحاد المترادفين في الاستعمال للزم جواز أن يقوم « أولى إليه » مقام « أحبّ اليه » في كل كلام ، وهو غير مسموع ... إذن ... كما أن عدم اقتران « إلى » مع « أولى » ليس بقادح في مجيئه بمعنى « الأحبّ » كما يدعي ( الدهلوي ) ، فكذلك لا يقدح عدم اقتران « من » بـ « المولى » في كون « المولى » بمعنى « الأولى ».
لقد عدل الفخر الرازي عن لجاجه ورجع إلى صوابه في كتاب ( المحصول ) وقبل الحق الحقيق بالقبول ، فقد قال جلال الدين المحلّي « والحق وقوع كلّ من الرديفين أي اللفظين المتّحدي المعنى مكان الآخر ، إن لم يكن تعبّد بلفظه ، أي يصح ذلك في كلّ رديفين بأن يؤتى بكل منهما مكان الآخر في الكلام ، إذ لا مانع من ذلك ، خلافا للإمام الرازي في نفيه ذلك مطلقا ، أي من لغتين أو لغة ، قال : لأنك لو أتيت مكان من في قولك مثلا : خرجت من الدار بمرادفها بالفارسية أي « أز » بفتح الهمزة وسكون الزاي ، لم يستقم الكلام ، لأن ضم لغة إلى أخرى بمثابة ضم مهمل إلى مستعمل. قال : وإذا عقل ذلك في لغتين فلم لا يجوز مثله في لغة. أي لا مانع من ذلك. وقال : إن القول الأول أي الجواز الأظهر في أول النظر والثاني الحق ».
وإن هذا الرأي من الرازي مذكور في كتاب سلّم العلوم وشروحه.